بل له ذلك أيضا في التشهد وفي قراءة الفاتحة في الأولتين وغيرهما، ولعله عليه بنى من قال ببطلان القراءة خاصة إذا فوت الموالاة عمدا بقراءة شئ بينهما أو بسكوت كما أشرنا إليه سابقا في المباحث المتقدمة.
نعم قد يقال باعتبار بطلان ما شرع فيه من الجزء وخروجه عن صلاحية المقدمية والقابلية للامتثال بالاتمام في جواز الاستئناف، لسقوط الأمر المقدمي به، ونية استقبال غيره لا تكفي في إبطاله، ضرورة عدم خروجه بذلك عن القابلية، ولذا لو أراد العدول إليه بعد النية المزبورة صح، اللهم إلا أن يقال إن الصلاحية المزبورة لا تنافي استئناف مقدمة أخرى بها تصدق أيضا قراءة الفاتحة وإن كان بحيث لو أتممت الأولى لصدق ذلك أيضا، فحينئذ له الاستئناف وإن لم يخرج ما وقع منه عن القابلية، لكن الانصاف أن ذلك كله لا يخلو من بحث وإن كان له شواهد كثيرة فيما سبق من المباحث، فبناء ما نحن فيه على ما ذكرناه أولا أولى، ولا ينافيه ما في الذكرى من حرمة إبطال العمل لامكان منع عمومها خصوصا لنحو المقام.
ولو قصد التسبيح مثلا فغلط وسبق لسانه إلى الفاتحة فالظاهر عدم الاجتزاء به لفقد النية الاجمالية والتفصيلية، ضرورة كون الواقع منه مقصودا عدمه، نعم لو كان قد فعل ذلك سهوا صح بالنية الاجمالية وإن كان من عادته خلاف ما وقع منه، بل وإن كان عازما قبل على غيره، لعدم منافاة العزم المزبور لذلك، بل الظاهر الصحة حتى لو كان قد لاحظ أحدهما في أصل نية الصلاة عند التكبيرة فسها ووقع منه غيره، إذ الظاهر أن نية ذلك لا تشخص خطاب الصلاة به، فبمجرد نيتها على ما شرعت عليه يتوجه إليه الأمر بأحدهما، وفيه بحث أومأنا إليه في الأبحاث السابقة، فالاحتياط لا ينبغي تركه.
وعلى كل حال فالظاهر عدم اعتبار اتفاق الركعتين فيما يختاره من الفردين