من الاختلاف الواقع في تلك الرواية رجحت رواية الجحد من حيث السند، لتردده بين أن يكون صحيحا أو حسنا كالصحيح بخلاف الرواية الأخرى، فإنها مترددة بين الارسال والضعف بالحسن بن أحمد المالكي وهو مجهول، ومنصور بن عباس وهو ضعيف كما قيل، والعدد فإن الروايات المطابقة لها أكثر من الأولى، والمحل بوجودها في الكافي والفقيه والتهذيب، والقرائن لثبوت الاستحباب في بقية السبع من غير معارض، وفي الدلالة فإن النهي عن الترك أدل على التأكيد من الأمر بالفعل - فلا يخلو من وجه.
نعم قد يقال: إن الترجيح إنما هو بعد المعارضة، وليست بعد معلومية عدم مانعية القران في النافلة، وعدم ظهور شئ من الروايات في أن كلا منهما كيفية مستقلة، فلعل الأقوى حينئذ وفاقا لكشف اللثام وغيره بل لعله محتمل المتن الجمع بينهما بتقديم قراءة التوحيد في الأولى إحدى وثلاثين مرة بناء على المختار سابقا من البدأة بها، وقراءة الجحد وثلاثين مرة قل هو الله أحد في الثانية، وأما ما قيل - من أنه بناء على ما روي (1) من الجحد في الثانية لا إشكال، فإن قراءة التوحيد في الأولى ثلاثين مرة محصل لقراءة التوحيد فيها في الجملة - ففيه أن المروي قراءة التوحيد ثلاثين مرة في كل من الركعتين، فالاشكال بحاله، على أن الظاهر من تعدد الأوامر تعدد المأمور به، فينبغي قراءة الإحدى وثلاثين لا الاجتزاء بالثلاثين، إذ احتمال جعل الأمر الأول لمطلق الطبيعة التي تحصل بوظيفة الثلاثين بعيد، لمعلومية أصالة عدم التداخل.
فظهر لك حينئذ من ذلك كله ما في المحكي عن ابن إدريس من وجهين أو وجوه قال: وقد روي في الثانية من الركعتين الأولتين بدل الثلاثين مرة قل هو الله أحد قل يا أيها الكافرون، وهو مذهب الشيخ المفيد، والأولى أظهر في الرواية، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر، فتأمل.