إلا بعد الذراعين، فيصدق وإن أخرها إلى المثل، أو يقال إنها لا تنافي ما هو الأرجح في النظر من أنه (صلى الله عليه وآله) كان يفرق زمانا بين الظهرين إلا أن مقدار التفرقة لم يعلم.
فالنصوص (1) السابقة تقضي بالمثل، وأخرى (2) بالذراعين والأربعة أقدام، بل في بعضها (3) أن تأخيرها إلى الستة أقدام التضييع، وفي آخر تعريض بما عليه العامة وأنه لا ينبغي صلاة العصر في وقتهم، قال أبو جعفر (عليه السلام) في خبر أبي بصير (4):
(ما خدعوك فيه من شئ فلا يخدعونك في العصر، صلها والشمس بيضاء نقية، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الموتور أهله وماله من ضيع صلاة العصر، قيل:
وما الموتور أهله وماله؟ قال: لا يكون له أهل ولا مال في الجنة، قال: وما تضييعها؟
قال: يدعها والله حتى تصفر أو تغيب الشمس) ونحوه غيره في تفسير التضييع بذلك، لكن المعروف الآن بين العامة عدم تأخيرها إلى ذلك، فلعل المراد سوادهم، وكفى بهذه النصوص على كثرتها واستفاضتها دلالة على معروفية التفريق زمانا قديما، ضرورة أنه هو المناسب حينئذ للحث عليها وعدم تضييعها ونحوهما، ومع ذلك لم يأمروا بجمعها مع الظهر كما هو المتعارف الآن.
فلا يبعد استحباب التفريق زمانا بينهما وإن اختلف، فتارة يكون إلى المثل، وتارة يكون إلى الذراعين، وربما كان أزيد أو أنقص، وأما الفصل بالنافلة فقط فلا يحصل به ثواب التفريق المفهوم من النصوص، ونصوص (5) الفصل بالنافلة لا دلالة فيها