بل في مجمع البرهان يكاد أن لا يكون فيه خلاف، لكن الأقوى في النظر الأول، للأصل وإطلاق الأدلة السالم عن المعارض، ضرورة ظهور النهي عن الصلاة على الرحلة في غير الجامعة، كما يومي إليه زيادة على الانسياق ذكر جملة من الأحكام كالايماء والاستقبال بالتكبير أو بما أمكن وغيرهما للصلاة على الراحلة، وليس إلا لغلبة احتياج الصلاة عليها إلى ذلك، ودعوى العموم اللغوي فيها بالنسبة إلى الأحوال عموما لا يتفاوت فيه النادر وغيره ممنوعة على مدعيها، واستثناء المريض في صحيح عبد الرحمان (1) السابق مع أنه لا يقتضي العموم قد ذكر غير واحد من الأصحاب أنه إنما يفيده بالنسبة إلى الفاعل لا الدابة، فهي حينئذ على اطلاقها وكونها في سياق النهي لا يجدي في زيادة معنى الاثبات، إذ النفي إنما هو له، خصوصا والتحقيق في استفادة العموم من مثل ذلك اقتضاء نفي الطبيعة نفي الأفراد، فهي كالحكم المقتضي ثبوته للطبيعة ثبوته للفرد كالحل والحرمة ونحوهما، فكما لا يخرج ذلك عن الاطلاق المنصرف إلى الأفراد الشائعة كذلك لا يخرج هذا، ومثل ذلك النكرة في سياق النفي المستفاد منها العموم أيضا بواسطة اقتضاء نفي الواحد لا بعينه الذي هو مفادها ذلك، إذ دعوى ثبوت الوضع الجديد مساويا لعموم (كل) و (جميع) لا شاهد لها كما هو محرر في محله، فليس مفاد النكرة في الاثبات والنفي إلا معنى واحد وإن اختلفا في العموم البدلي والشمولي، فدعوى ظهور قول الصادق (عليه السلام) في موثق ابن سنان (2): (لا تصل شيئا من المفروض راكبا) في شمول ما نحن فيه، لكونه من العموم اللغوي لا الاطلاق ليس في محلها كما هو واضح بأدنى تأمل، فالتحقيق حينئذ خلو نصوص المقام عن الدلالة على الفرض، بل يبقى على مقتضى الأصول والاطلاقات، ولا ريب في اقتضائها الصحة عندنا، بل الظاهر أن إطلاق الفتاوى أيضا كذلك.
(٤٣٠)