الذي قد أمر في جوابه باجتهاد الرأي وتعمد القبلة منتهى الجهد، وغير ذلك لكن لا يخفى اجمال الجميع وقصوره عن إفادة الواقع تفصيلا، نعم يمكن تنزيل الخبر الأول بقرينة بلد السائل فيه وموافقته لمقتضى قانون الهيئة على العراقي بعد إرادة المنكب من القفا فيه بقرينة المرسل الآخر، أو خصوص ما يكون فيه على القفا من العراق كالموصل ونحوه، أو يبنى على التسامح في ذلك، أو على أن كلا منهما محصل للمحاذاة من بعد، أو غير ذلك، كما أن المرسل أيضا ينبغي تنزيله كذلك، للقطع بعدم إرادة إطلاقه، خصوصا والمخاطب فيه خاص، والاشتراك في التكليف فرع المشاركة في الموضوع. فتأمل جيدا. وصحيح زرارة يجب حمله على إرادة بيان أن ذلك منتهى القبلة ولو في بعض الأحوال، لا أنه يجزئ استقبال أي نقطة من ذلك اختيارا كما هو مقتضى لفظ (كل) فيه، لبطلانه سنة وكتابا وإجماعا بل وضرورة من المذهب إن لم تكن من الدين، ولولا لفظ (كل) المزبور أمكن حمله على إرادة بيان العلامة الأولى بعد حمل لفظ الحد في السؤال على إرادة معرف القبلة للعراقي بقرينة السائل أيضا، ولعل لفظ (كل) فيه لتعميم أجزاء ما بين المشرق والمغرب، لاستطالة السمت فيه، أو لتعميم المشارق والمغارب كما تسمعه إن شاء الله، أو غير ذلك مما لا ينافي ما ذكرنا. ومن الغريب ما في الذكرى من أن هذا الصحيح نص في الجهة، ضرورة أنه لا ينطبق ظاهره على كل حال، إذ من قال بالجهة لا يتوسع فيها إلى هذا الحد، ولئن كان فالضرورة حجة عليه كما هو واضح، فلا ريب في أولوية ما ذكرناه من ذلك، بل لعله هو مراد الشهيد أيضا لا التوسعة المزبورة، فيوافق حينئذ اطلاق المصنف وغيره من الأصحاب كونهما علامة.
خلافا لجماعة فقيدوهما بالاعتداليين، ولعله لشدة التفاوت فيهما باختلاف الفصول المقتضي لعدم كون العلامة مطلق المشرق والمغرب، ولو كان كل منهما من فصل تفاوت