ذلك أشد تفاوت، وربما أدى إلى الانحراف إلى المشرق أو أزيد من ذلك، وتخصيصهما بما يوافق وضع الجدي للعراقي يوجب سقوط فائدة العلامة، ولعل هذا هو مراد الشهيد الثاني في الروضة بقوله: (إنه إن أريد منهما الجهتان العرفيتان انتشر الفساد كثيرا بسبب الزيادة فيهما والنقصان الملحق لهما تارة بعلامة الشام، وأخرى بالعراق، وثالثة بالزيادة عليهما، أو يريد المتسامح فيهما من العرفيتين) لكن قد يدفع ذلك كله بدعوى كون المتبادر مشرق كل يوم ومغربه، فلا يقدح حينئذ فيهما اختلاف الفصول، لاتفاق الجميع حينئذ على استقبال نقطة الجنوب، لكن فيه أنها قبلة بعض العراق، بل النادر، بل قيل لم يوجد، ومن هنا جزم والد البهائي فيما حكاه ولده عنه بأن اطلاق الأصحاب أولى من التقييد المزبور، لما فيه من تعميم الفائدة بخلافه، إذ لا يعرف الاعتدالي منهما في سائر الأوقات إلا الأوحدي من الناس القادر على استخراج خط الاعتدال، ومع ذلك فليس هو أضبط مما سمعت إلا مع تدقيق تام، لأن استخراجه بالدائرة الهندية ونحوها تقريبي لابتنائه على موازاة مدارات الشمس للمعدل، وهذا التقريب قريب من ذلك فلا داعي إلى التقييد، ولا ريب في جودته إن كان لا يختلف ذلك باختلاف الفصول.
نعم قد يشكل ذلك كما لو أريد منه الاعتدالي أو الجهتان المصطلح عليهما، وهما المتقاطعان لجهتي الجنوب والشمال بخطين بحيث يحدث عنهما زوايا قوائم بأنه مخالف لمفاد العلامة الثانية، ضرورة اقتضائها الانحراف عن نقطة الجنوب إلى المغرب، بخلاف ما نحن فيه المقتضي لاستقبال نقطة الجنوب، ومقتضاه كون الجدي حينئذ بين الكتفين، لأنه حال استقامته يكون على دائرة نصف النهار المارة بنقطتي الجنوب والشمال، فجعل المشرق والمغرب على اليمين واليسار يوجب جعل الجدي بين الكتفين قضية للتقاطع، ودعوى اغتفار التفاوت المزبور لا شاهد عليها، وفي كشف اللثام أن