الحالين، فإنه منحرف مشرقا أو مغربا، فجعله في الحال الأول على المنكب الأيمن ينطبق على القبلة، لاقتضائه الانحراف عن نقطة الجنوب إلى الشمال (1) بما هو مقتضى التفاوت بين طولي البلدين الذي هو المدار في القبلة.
ومن هنا كان المعروف بينهم أن الأوثق منه في الحالين المزبورين والمتعين للعلامة في غيرهما نجم خفي في وسط الأنجم - التي في صورة الحوت لا يدركه إلا حديد البصر، حوله أنجم دائرة في أحد طرفيها الفرقدان، وفي الآخر الجدي، وبين ذلك أنجم صغار ثلاثة من فوق، وثلاثة من أسفل - يسمى بالقطب، لأنه أقرب الكواكب إليه، يدور حوله كل يوم وليلة دورة لطيفة لا تكاد تدرك، فهو العلامة للقبلة حينئذ، ضرورة كون المدار على الانحراف عن نفس القطب، فالقريب إليه أولى بالعلامة، فلو علم كان أوثق من الجدي في الدلالة، إلا أنه صرح غير واحد منهم أنه يجعل حينئذ خلف الأذن اليمنى لا المنكب، لكن لخفائه على أكثر الناس وسهولة التفاوت بين دائرته ودائرة الجدي في الحالين المزبورين أقيم الجدي مقامه في تعرف القبلة، ولعله للتفاوت المزبور بينهما تفاوتت كيفية وضعهما للدلالة بناء على إرادة مجمع العضد والكتف من المنكب، وإلا فلا تفاوت معتد به كما ستعرف، فما في المدارك من التخالف بين الكلامين في غير محله.
نعم قد يناقش في ذلك بما حكاه الأردبيلي عن خاله الذي لم يسمح الزمان بمثله بعد نصير الملة والدين من أن الجدي أقرب إلى القطب من تلك النجمة كما برهن عليه في كتب الهيئة، بل قال المقدس المزبور: إنا وضعنا قصبة ورأينا منها الجدي في أول الليل مثلا وعلمنا على تلك النجمة علامة تحاذيها ثم نظرنا بعد نصف الليل بكثير رأيناه من تلك القصبة ورأينا تلك النجمة خرجت عن محاذاة تلك العلامة بكثير تقريبا أكثر