بالتفصيل المذكور، مع أن بعضها صريح أو كالصريح فيه، كالنبوي المروي عن احتجاج الطبرسي (1) باسناده إلى العسكري (عليه السلام) قال فيه: (فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة، أطعنا، ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي تكون بها فأطعناه، فلم نخرج في شئ من ذلك عن أمره) وكأن عدم التعرض في أكثرها لذلك استغناء عنه بالأمر باستقبال الكعبة، وكونها قبلة، ضرورة ظهوره في إرادة الجهة من غير المتمكن والعين من المتمكن تحصيلا للصدق فيهما، فلا وجه للتوقف في ذلك من هذه الجهة.
فمن الغريب بعد ذلك كله وقوع النزاع فيه، ولعله لفظي، إذ أقصى ما يتصور من الثمرة بين القولين هو جواز استقبال غير الكعبة من المسجد أو الحرم لمن كان متمكنا منها على الأول وعدمه على الثاني، ووجوب استقبال المسجد والحرم لغير المشاهد على الأول وجهة الكعبة على الثاني، ويدفع الأولى ما عن جماعة ممن عرفت الخلاف منهم كالشيخ في مبسوطه وجمله ومصباحه والقاضي في مهذبه والكيدري في إصباحه وأبي الصلاح في الكافي من التصريح بوجوب استقبال العين لمن كان متمكنا منها، قال في الأول: (المكلفون على ثلاثة أقسام، منهم من يلزمه التوجه إلى نفس الكعبة، وهو كل من كان مشاهدا لها بأن يكون في المسجد الحرام، أو في حكم المشاهد بأن يكون ضريرا أو يكون بينه وبين الكعبة حائل، أو يكون خارج المسجد بحيث لا تخفى عليه جهة الكعبة) وقال في الثاني: (القبلة على ثلاثة أقسام، فالكعبة قبلة من كان مشاهدا لها أو في حكم المشاهد، والمسجد قبلة من لم يشاهد الكعبة وشاهده أو غلب في ظنه جهته ممن كان في الحرم، والحرم قبلة من نأى عنه عن الحرم (2) إلى غير ذلك،