" ولو ترشح ماء مما يقع على نجاسة العين مع بقاء التقاطر فلا بأس به ثم قال: وهو عاصم لما اتصل به من الماء، مطهر لما وقع فيه، ومعصوم لا ينجس إلا بالتغير " إلى غير ذلك من عباراته، فلاحظ وتأمل، بل ربما يظهر منه الميل إلى كون المتقاطر من النافذ في السقف منه بحكم الجاري أو الشك فيه، حيث قال: " وما يشك في صدق اسم المطر عليه كالقطرة والقطرتين، وما يتكون من الأبخرة السماوية من بعض القطرات، وما حجبه عن السماء حاجب كبعض الغمام الداخل في بعض البيوت المبنية على رؤوس الجبال، وما تقاطر من السقف بعد نفوذه في أعماقه إن لم يدخل في عموم قوله (عليه السلام) (1):
" له مادة " فلا يحكم عليه بحكمه " انتهى.
وهو جيد وإن أمكن المناقشة في المذكور ثالثا في كلامه بمنع الشك فيه بمجرد حجبه عن السماء، لكن الأمر سهل بعد ظهور كلامه الأول فيما سمعت المتجه بناء عليه استثناء ماء الغيث من قاعدة القليل، سواء قلنا بتساوي الورودين في الانفعال وعدمه، إذ ماء الغيث عندنا أعم من النازل والمجتمع منه على الأرض مع بقاء التقاطر بخلافه على غيره، فإنه لا يتجه استثناؤه حينئذ إلا على تقدير القول بالتساوي وإلا فعلى القول بعدمه لا وجه لاستثنائه، لعدم تصور الغيث غالبا إلا واردا، لأنه عليه عبارة عن القطرات النازلة.
وإن أمكن أن يناقش في الأول بأنه عليه لم يظهر فرق حينئذ بين ماء الغيث نفسه وبين غيره إذا كان يتقاطر عليه كالمجتمع من ماء المطر حينئذ، كما أنه قد يوجه الاستثناء على الثاني أيضا بأن الطهارة الماء الوارد على القول به مخصوصة بالوارد المتميز عن المورود عليه بعد الورود، فأما غير المتميز كالوارد على الماء النجس فإنه ينجس به على القولين، لاتحاد حكم الماءين المختلطين على الوجه الرافع للتمييز، فيتجه حينئذ استثناء