قلت: بلى، قال: لا بأس، لأن الأرض يطهر بعضها بعضا " إذ الظاهر أن المراد تطهير بعض الأرض البعض الآخر منها النجس الملاقي للنعل ونحوه على معنى إزالة أثره عما لاقاه بالبعض الآخر، كما يقال الماء مطهر للبول والدم، أو تطهير بعض الأرض ما لاصق بعضا نجسا آخر منها مما كان عليها من القدم ونحوه، وإلا فاحتمال إرادة تطهير بعض الأرض بعض المتنجسات كالنعل، فلا يكون في المطهر بالفتح عموم أو إطلاق يتناول المقام مما ينبغي القطع بفساده كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام، بل ينبغي القطع بفساد ما ذكرناه ثانيا، لبعد هذا المجاز بل استقباحه حتى لو أريد الاضمار منه، فيتعين الأول حينئذ، لكن في المعالم أنه عليه يكون الحكم المستفاد من الحديث مختصا بالنجاسة المكتسبة من الأرض النجسة.
وقد يقال: إنه يمكن أن يكون هذا إشارة إلى أنه بمحض المسح على الأرض لا يذهب الأثر الحاصل من الأرض السابقة مطلقا بل يبقى فيه بعض الأجزاء من الأرض المتنجسة، فتلك الأجزاء تطهرها الأرض الطاهرة، فلا ينافي عموم الحكم، لورود تلك العبارة في مقامات أخر، بل لعل تفسير الحديث بذلك أولى من غيره، لما فيه من السلامة من المجاز ونحوه، حتى ما قيل أيضا من أن المراد انتقال النجاسة بالوطء عليها من موضع إلى آخر حتى تستحيل، ولا يبقى منها شئ.
نعم هو موقوف على عدم انعقاد إجماع على عدم طهارة الأرض بذلك، ولعله كذلك، بل نص على ما ذكرناه في البحار، بل ستعرف فيما يأتي زيادة قوة له، فتأمل.
وبعد اعتضادها أيضا باطلاق قوله الصادق (عليه السلام) في صحيح الأحول (1) في الرجل يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف، ثم يطأ بعده مكانا نظيفا: " لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا " بعد تنزيل الشرط فيه على إرادة التقدير لما يزال به أثر