ومنه حينئذ يعلم وجوب صرف هذه الأخبار عن ظاهرها، وإرادة غيره، وكونه التخيير بمعنى جواز الفعل والترك، أو أفضلية الصلاة في الثوب كما صرح بها بعضهم تبعا لما عن ابن الجنيد إن لم نقل إنه من التخيير بين الواجب وعدمه ليس بأولى من إرادة الصلاة فيه لضرورة البرد ونحوه مما يعسر من جهته النزع، بل هو أولى، لما فيه من تقليل التجوز، ضرورة بقاء تلك الأخبار على ظاهرها، بل وبعض هذه كالمشتمل منها على نفي الصلاة عريانا المراد بها نهي عند التأمل، مع أنه لم يقل أحد بكراهة الصلاة عريانا، بل قضية ذلك استعمال أوامر الصلاة عريانا في مجاز بعيد جدا إن لم يكن ممتنعا، وما فيه من موافقة الاحتياط المعلوم تأكده إن لم نقل بوجوبه في خصوص ما نحن فيه من العبادات، ولعدم وجود الشاهد على ذلك الجمع، بخلافه، فإنه يشهد له صحيح الحلبي (1) " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول وليس معه غيره، قال: يصلى فيه إذا أضطر إليه ".
ودعوى عدم احتياج الجمع المذكور إلى شاهد كدعوى شهادة هذا المفهوم له الذي هو عبارة عن نفي الوجوب عند عدم الاضطرار ممنوعتان، سيما الثانية، لظهور كون المفهوم هنا وإن لم نقل به في سائر المفاهيم عدم الإذن بالصلاة فيه عند عدم الاضطرار لا عدم الوجوب، ضرورة إرادة دفع توهم السائل الحظر من الانشاء المستفاد من الخبر، ولا يرد عليه استلزام ذلك حينئذ الإباحة مع الضرر المعلوم نفيها عقلا ونقلا، كمعلومية وجوب الصلاة فيه معه كذلك، لأن المراد هنا الإذن التي لا تنافي الوجوب وإن قلنا بظهور الأمر في مقام توهم الحظر في الإباحة المنافية له، لكن لخصوص المقام خصوصية واضحة كما لا يخفى على من لاحظ نظائره مما علق الحكم فيه على ضرورة الاضطرار، فتأمل جيدا فإنه لا يخلو من دقة.