وكيف كان فنجاسته على القول بها إنما هي (إذا غلى واشتد) كما في القواعد والإرشاد والمنتهى، أو إذا غلى فقط كما في التحريم والمختلف وعن النزهة والتلخيص وأطعمة القواعد، أو إذا غلى بنفسه لا بالنار كما في الوسيلة، ويرجع الأول للثاني كالعكس بناء على إرادة الغليان من الاشتداد كما صرح به بعضهم، بل في ظاهر شرح الإرشاد للفخر الاجماع عليه، حيث قال فيه: " المراد بالاشتداد عند الجمهور الشدة المطربة، وعندنا أن يصير أعلاه أسفله بالغليان، أو يقذف بالزبد " كما في حاشية المدارك للأستاذ " أن تفسير الاشتداد بحصول الثخانة غير ظاهر من الأصحاب وغير ظاهر المأخذ " إلى آخره. أو إرادة الثخانة من الاشتداد كما في المسالك وغيرها، مع دعوى التلازم بينها وبين الغليان كما في الذكرى، نعم هما غيران بناء على إرادة القوام والثخانة من الاشتداد المنفكين عن الغليان كما في الروض، بل عنه في حواشيه على القواعد القطع به، فينفك حينئذ التحريم عن النجاسة، لحصول الأول بمجرد الغليان، كما في الحدائق نفي الخلاف فيه نصا وفتوى، وتوقف الثانية على الاشتداد بالمعنى المذكور، ولعل ذلك هو ظاهر المعتبر، حيث قال فيه: وفي نجاسة العصير بغليانه تردد، أما التحريم فعليه إجماعا فقهائنا، ثم منهم من أتبع التحريم بالنجاسة، والوجه الحكم بالتحريم مع الغليان حتى يذهب ثلثاه، ولا ينجس إلا مع الاشتداد، لكن في الذكرى كأنه يرى الشدة المطربة، إذ الثخانة حاصلة بمجرد الغليان، قلت: فحينئذ لا يكون من القائلين بالنجاسة، لكن قد عرفت نسبة الفخر تفسير الشدة بذلك إلى الجمهور.
وكيف كان فلم نعرف مأخذا لاعتبار الشدة بمعنى الثخانة والقوام المنفكين عن الغليان في النجاسة دون التحريم، بل قضية ما سمعته من أدلة النجاسة السابقة عدا إجماع مجمع البحرين اتحادها مع الحرمة في السبب، على أنه لا تفسير فيه للشدة بذلك، بل ظاهر كل من قال بالنجاسة عدم هذا التفصيل، وقول الصادق (عليه السلام) في المرسل السابق: " إذا تغير عن حاله وغلى فلا خير فيه " لا دلالة فيه على ذلك،