وأما ما نقله في المسالك عن المفيد من الاجتزاء بالوضوء الواحد للفرضين فالظاهر أنه اشتباه كما لا يخفى على من لاحظ المقنعة، فانحصر الخلاف في القولين، وهما نادران ضعيفان محجوجان بما تقدم، وبقول الباقر (عليه السلام) في موثق زرارة (1): " عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع. قال: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة، فلتغتسل وتستوثق من نفسها، وتصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفد الدم، فإذا نفذ اغتسلت وصلت " وبقول الصادق (عليه السلام) في صحيح معاوية بن عمار (2): " المستحاضة تنظر أيامها - إلى أن قال -: وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء " الخبر. إلى غير ذلك من الأخبار (3) التي قد تقدم بعضها كصحيح الصحاف على أحد الوجهين فيه وغيره. والأخبار (4) الكثيرة الآمرة بالوضوء في الصفرة الشاملة لنحو المقام، بل قد عرفت سابقا أن الغالب كما قيل فيها أن تكون قليلة، بل كاد بعضها يكون صريحا في ذلك هنا لاشتمالها على نفي الغسل.
وبذلك كله يسقط ما عساه يستدل به للأول من الأصل ومن حصر موجبات الوضوء ونواقضه في بعض الأخبار في غيرها، ومن مفهوم قوله (عليه السلام) في خبر ابن أبي يعفور (5): " المستحاضة إذا مضت أيام أقرائها اغتسلت واحتشت كرسفا وتنظر، فإن ظهر على الكرسف زادت كرسفها وتوضأت وصلت " مع احتمال أن يراد بالظهور على باطن القطنة، فيكون نصا فيما نحن فيه، وإلا فهو لا يوافق ما نقل عنه من إيجابه الأغسال الثلاثة عند ظهور الدم على الكرسف.