فالفرق بين هذا النحو وسابقه: ان الحكم يترتب على الموضوع الاعتباري في الأول بنفس الدليل المحكوم بلا أن يكون الدليل الحاكم دخيلا في هذا الامر، بخلافه في النحو الثاني فان الامر وان كان يثبت بالدليل المحكوم لكن بواسطة الدليل الحاكم ونظره في الاعتبار إلى ترتب الأثر الذي يتكفله الدليل المحكوم.
الثالث: أن يكون الدليل الحاكم متكفلا لاثبات حكم مماثل على موضوعه، لا اثبات نفس الحكم الثابت بالدليل المحكوم - كما في بعض أدلة التنزيل -، ولعل قوله: " الطواف في البيت صلاة " (1) يرجع إلى هذا النحو، فإنه بهذا اللسان ناظر إلى اثبات شرطية الطهارة ونحوها للطواف، ولكن يثبت به حكم مماثل لحكم الصلاة، لا ان نفس الشرطية المنشأة في قوله مثلا: " لا صلاة الا بطهور " (2) تثبت للطواف، بل يثبت المماثل لها.
المقدمة الثانية: ان الدليل المتكفل لاثبات موضوع ظاهري بلحاظ ترتب أثر معين له، تارة: يكون لهذا الأثر أثر مناقض ثابت لضد موضوعه، نظير استصحاب الملكية لزيد، فإنه يترتب عليه أثر الملكية لجواز النقل والانتقال، وللملكية ضد وهو الوقف، له اثر مناقض لاثر الملكية، وهو عدم جواز النقل والانتقال. وأخرى: لا يكون للموضوع الظاهري الثابت بالدليل ضد ذو أثر مناقض لاثره، نظير الطهارة بلحاظ الشرطية للصلاة، فإنه ليس للنجاسة اثر يناقض الشرطية وهو المانعية عن الصلاة، إذ لم تؤخذ النجاسة مانعا، بل المأخوذ هو الطهارة في موضوع الشرطية - وقد تقرر ان أحد الضدين إذا اخذ شرطا امتنع اخذ الضد الآخر مانعا لتساوي الضدين رتبة واختلاف الشرط والمانع في