أمرين أشار إليهما في كتابه.
الأول: ان المراد بالجواز في عنوان البحث هو الامكان الوقوعي لا الامكان الذاتي.
ومجمل الفرق بينهما هو: ان الامكان الذاتي يرجع إلى كون الذات في حد نفسها ممكنة غير ممتنعة الوجود من حيث هي، كاجتماع النقيضين الذي يكون محالا في نفسه. اما الامكان الوقوعي فهو يرجع إلى عدم استلزام وجود الذات للمحال بحيث لا يترتب على وجودها محذور من لزوم خلف أو دور أو نحو ذلك، فالامكان الوقوعي ما لا يستلزم المحال، والذاتي ما ليس بمحال في نفسه، فالمقصود من الامكان هنا الامكان الوقوعي دون الذاتي، إذ لا يتعلق غرض للأصولي في تحقيق ذلك، فان غرضه يتعلق بوقوع الأشياء وما يترتب عليها من أثر، مع بعد انكار الامكان الذاتي فيما نحن فيه، إذ لا يدعى كونه محالا في نفسه كاجتماع الضدين.
الثاني: ان المراد من الضمير في: " شرطه " هو: تارة يكون مرتبة أخرى للامر غير المرتبة التي هو فيها، كان يأمر انشاء مع علمه بانتفاء شرط فعلية الامر. وأخرى: يكون المراد نفس المرتبة فيأمر انشاء مع علمه بانتفاء شرط الانشاء وهكذا. اما الأول فليس هو موضوع البحث، إذ لا اشكال في جوازه كالأوامر الامتحانية ونحوها، إذ قد يأمر الآمر من دون أن يكون له داعي للبعث حقيقة.
وعليه، فموضوع البحث هو الامكان الوقوعي لامر الآمر مع علمه بانتفاء شرط مرتبة الامر التي يقصدها الآمر من الامر. ومن الواضح أنه غير جائز وقوعا لاستلزامه حصول المعلول من دون علته وهو خلف، وذلك لان الشرط من اجزاء العلة فحصول الامر مع عدم الشرط يكون من وجود المعلول بدون علة وهو خلف فرض العلية.