سقوط التكليف بغير المقدور في نفسه كما لا يخفى. ومن الواضح عدم تأتي ملاك الاستحالة في ذلك القسم هنا، لان المفروض ان متعلق كل تكليف مقدور في نفسه، فلا محذور في محركيته نحوه، ولا قبح في تكليفه به بالنظر إليه خاصة، كما أن كلا التكليفين لا يرجعان إلى تكليف واحد متعلق بالضدين كي يقبح ذلك بنظر العقل وتمتنع محركية التكليف نحو متعلقه. فليس المحذور الا في الجمع بين التكليفين مع لزوم ترجيح المرجوح على الراجح فيسقط المرجوح لذلك، ومع هذا لا يصح قياس ما نحن فيه بباب اشتراط التكليف بالقدرة وجعلها من واد واحد ملاكا. فتدبر.
الثالث: لو تنزلنا عن هذا أيضا وسلمنا اتحاد القسمين موضوعا وملاكا، فلا نسلم جريان ما أفاده (قدس سره) فيما نحن فيه مما كان توقف التكليف فيه على القدرة اتفاقية لا دائميا.
بيان ذلك: ان الالتزام بشرطية التعقب بالقدرة على الجزء المتأخر في الواجبات التدريجية انما كان من جهة وضوح وجود الواجبات التدريجية الارتباطية وانحصار المصحح لها بأخذ عنوان التعقب شرطا. ومن الواضح ان توقف وجوب الجزء السابق على الاتيان بالجزء اللاحق أمر دائمي في الواجبات الارتباطية لا ينفك عنها لو لم نقل بأنه مقوم لواقع الارتباطية المفروضة، فيلتزم فيها بشرطية التعقب وان كان ذا مؤونة زائدة. اما توقف وجوب المهم على القدرة عليه من جهة عدم الأهم المزاحم له فهو امر اتفاقي لا دائمي، وبما أن هذه القدرة لا تتحقق إلا في ظرف عصيان الأهم، تعين قهرا أخذ العصيان شرطا من باب أنه ظرف القدرة على العمل، نظير ما لو ورد تكليف بشئ ولم يكن مقدورا عليه إلا في زمان خاص تعين تقييده بذلك الزمان من باب انه زمان القدرة عليه، فشرطية العصيان أمر قهري لا محيص عنه، لأنه من باب شرطية نفس القدرة كما عرفت. اما عنوان التعقب فهو غير مقوم للقدرة كما لا يخفى، فاخذه شرطا