لزوم تعدد الموضوع له، فلا بد من كونه كذلك أيضا، في الهيئات المستعملة في الكتاب تكليفا للعباد، فيكون الداعي في الأمر بالصلاة والصوم، إبراز شئ زائد على أصل البعث والطلب، وهو اللزوم والثبوت والوجوب والتحتم، مع أنه غير قابل للتصديق، وليس أمرا وراء ذلك يمكن أن يعد داعيا في هذه الاستعمالات، فيتعين تعدد الموضوع له.
وبعبارة أخرى: ما أفاده " الكفاية " بقوله: " إن الصيغة لم تستعمل في واحد منها إلا في إنشاء الطلب، ولكن الداعي إلى ذلك كما يكون تارة: هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي، يكون أخرى: أحد هذه الأمور، كما لا يخفى " (1) انتهى، في غاية الإشكال، لأن البعث والتحريك هو تمام مفاد الهيئة، وليس داعيا زائدا على أصل الموضوع له. مع أنك عرفت لزوم أمر آخر وراء الموضوع له والمستعمل فيه، يعد هو الداعي، كما في سائر الاستعمالات.
وما أفاده بقوله: " قصارى... " - (2) وهو كون الموضوع له هو إنشاء الطلب المقيد بداعي البعث والتحريك، فيكون مجازا في سائر الاستعمالات - غير سديد عندنا، من إنكار الاستعمالات المجازية، بمعنى الاستعمال في غير الموضوع له.
اللهم إلا أن يقال: بأن الهيئة للبعث والتحريك الاعتباري إلى المادة، وإذا لم يكن قرينة على إحدى الدواعي، فهي تفيد مطلوبية المادة حقيقة.
إن قلت: ما هو الداعي هو جعل المادة والمتعلق على ذمة المكلفين، وتكون متكفلة لإفادة الجهة الوضعية في هذا البعث والتحريك الانشائي، في خصوص التكاليف الإلهية، فالداعي في " صل " وأمثاله، جعل الصلاة في الذمة ودينا.
قلت: هذا غير معقول للزوم التسلسل، ضرورة أن مجرد اشتغال الذمة، غير