وعدم نيله القواعد الأولية، كما هو الظاهر الواضح على من له أدنى إلمام بها -: إنما يخرج بذلك عن الاختيار، لو لم يكن تعلق الإرادة بها مسبوقة بمقدماتها الاختيارية، وإلا فلا بد من صدورها بالاختيار " (1) انتهى مورد الحاجة منه.
وفيه: - مضافا إلى أن أصل الشبهة، هو أن الإرادة التي هي من الموجودات المحتاجة إلى المؤثر، كيف تحصل وتوجد؟ فإن كان ذلك بإرادة أخرى يتسلسل، وإن كان بنفسها فيدور، وإن كانت النفس فاعلها بالطبع، فهو مضافا إلى مخالفة الوجدان، لا يساعده البرهان الآتي - أن مبادئ الإرادة قد لا تكون اختيارية، وهو العلم، والاقتدار على الفعل، والميل والاشتياق إليه.
مثلا: قد يتفق أن يحصل العلم بوجود الحرام في البيت، من إسماع الغير الاختياري، ثم تشتاق إليه النفس قهرا وطبعا، وتكون لها القوة على الإتيان به بالفطرة، فإذا حصلت هذه المبادئ، فأين المبدأ الذي هو الاختيار؟!
وإن قلنا: بأن الإرادة اختيارية بالوجدان فهو صحيح، ولكن الإشكال المزبور في كيفية اختياريتها، مع احتياجها في ذلك إلى نفسها أو سنخها، وفي الكل محذور، كما أشير إليه مرارا.
وأما ما يظهر من تلميذه المحشي: من إرجاع كلامه إلى الإرادة التشريعية، وأن متعلقها الفعل الاختياري للعبد، دون مطلق الفعل (2)، فهو غير سديد، لأن الإشكال في كيفية إرادة الله تعالى أمر، وفي كيفية إرادة العبد لفعله المباشري أمر آخر، والبحث هنا في الثاني وإن ينجر ذيله إلى الأول.
ولكنك عرفت: أنه انجرار غير لازم (3)، لأن الشبهة متوجهة إلى جميع