عنه: " هل يطلبه ويشتهيه، ويميل إليه " فالجواب: " نعم ".
فيعلم: أن هذا الطلب غير الإرادة المصطلحة قطعا، وإن أطلق على كل واحد منهما مفهوم الآخر، ولكن الغرض إثبات أمر آخر وراء صفة الإرادة والعلم والقدرة والكراهة، وهو صفة الطلب الذي هو من مقولة الانفعال، أو الكيف النفساني، ولا يعقل اتحادهما مع اختلافهما بحسب المقولة.
فتحصل: أن تصحيح العقوبة لا ينحصر بالإرادة المظهرة، أو الإرادة نفسها، أو الطلب الانشائي، بل ربما يكون تصحيح العقوبة بأمر آخر وهو الطلب، بل والاشتهاء النفساني غير البالغ إلى حد الإرادة، لأجل الموانع الراجعة إلى امتناع العبيد عن الإطاعة والامتثال.
ولعمري، إنه بعد هذا التقريب، لا يتمكن الأعلام من حل هذا الإعضال، وهذا من غير فرق بين ما ذكرناه في مصب الإرادة التشريعية، وبين كون مصبها صدور الفعل عن الغير اختيارا، وبين كون مصبها إيصال الغير إلى الفائدة.
أقول: الخلط بين الخطابات الشخصية والكلية القانونية، يورث إشكالات، وأوقع الأصحاب في انحرافات، وتفصيل ذلك يطلب من محاله، ولعل ذلك يأتي في مباحث الترتب (1).
وإجماله: أن من شرائط الخطاب الشخصي، احتمال تأثير الأمر في المخاطب والمأمور، وإلا فلا تصدر الإرادة الجدية مع فقد الاحتمال، ولعل لذلك قال الله تعالى: * (وقولا له قولا لينا) * (2) لعدم إمكان أمره تعالى جدا، لعلمه بعدم انبعاثه مثلا.