بنفس المتكلم، فإن كان تلك الصوادر فهو غير معقول، فيتعين الثاني، وهو المطلوب.
وأما عدم معقولية الأول، فلأن قيام تلك الألفاظ ليس قيام حلول، لا في المبدأ الأعلى، ولا في سائر الموصوفين بالتكلم، لأنها متصرمة الذات، متقضية الحقيقة، ربما تعد من مقولة الكيف، فتكون صادرة من المتكلم وإن كانت قائمة بالهواء، فليست هي حالة في نفس المتكلم، ولا جسمه، فتعين كونها قائمة بالمتكلم قيام صدور، كالضرب والقتل، ويوصف المتكلم بها، لتلك الجهة. ولكنه في المبدأ الأعلى ممتنع، لأن هذا الصادر منه تعالى ليس بلا واسطة، للزوم كونه منقضي الذات، ومتصرم الصفات، ومتجدد الأحوال، وملازما للمواد والهيولي، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وما ترى في بعض كتب فضلاء العصر في غاية التأسف، ونهاية الترحم.
ولعمري، إن عدم تعرضهم لمثل هذه المسائل، كان أولى بديانتهم المقدسة ومذهبهم المنزه، ولكن التعرض لما لا يعلمون، والغور فيما هم جاهلون به جدا وحقيقة، يورث جواز تفسيقهم، بل وأحيانا تكفيرهم، فإن هذه الاعتقادات الفاسدة الكاسدة من المتفقهين في الشريعة المقدسة، تستلزم انحراف جماعة من الحق إلى الضلال، ومن النور إلى الظلمة، والله هو المستعان.
فإنه صرح بعدم لزوم كونه تعالى ذا كمالات قديمة، أخذا بظواهر بعض النصوص، واتكالا على عقول المتكلمين. ولا يسعني الآن الغور في هذه البحار التي لا ساحل لها، وقد حرر المحقق الوالد - مد ظله - مسائل هذه المسألة في رسالة على حدة (1)، أعانني الله تبارك وتعالى على طبعها في الوقت المناسب.
فبالجملة: لو كانت علية الذات مع الوساطة كافية للتوصيف، للزم صدق هيئات جميع المشتقات على المبدأ الأعلى، من " النائم، والمستيقظ، والضارب،