فيرجع النزاع لفظيا. فما في " الكفاية " وغيره من إصلاح ذات البين (1) حسن، ولكنه ليس بمصيب، فلا تغفل.
أقول: قد عرفت أن إرادة الأمر ليست متعلقة بالضرب والقتل وبالصوم والصلاة، بل إرادة متعلقة بالبعث إليها والزجر عن المحرمات، وعند ذلك لا يتخلف المراد عن الإرادة، بل هو حاصل.
وأما ما قيل: " بأن الإرادة متعلقة بصدور الفعل من المكلف عن اختيار " (2) فهو - مضافا إلى بطلانه كما مر - يلزم منه صدور الفعل مسبوقا بالاختيار، لعدم إمكان تخلف المراد عنها بالنسبة إلى إرادته تعالى، دون إرادتنا، فإنها ليست علة تامة، ولا جزءها الأخير فينا، وسيأتي الإيماء إليه إن شاء الله تعالى.
ويمكن تقريب هذا البرهان بوجه آخر: وهو أنه تعالى وكل مولى إذا كان عالما بالكفر والعصيان، لا يتمكن من ترشيح الإرادة الجدية بالنسبة إلى العبد المزبور، كما لا يعقل ترشيح الإرادة بالنسبة إلى بعث الحجر والعاجز والجاهل والناسي، مع حفظ العناوين، فإذن يلزم عدم استحقاق هؤلاء الكفرة الفجرة للعقوبة، لعدم إمكان تعلق الإرادة بالبعث أيضا، فلا بد من الالتزام بالطلب الذي هو محقق استحقاق العقوبة، ولا إرادة بعد ذلك رأسا.
وعند ذلك تحصل المغايرة بين الطلب والإرادة بالضرورة، فإنه إذا سئل عنه:
" هل يريد ذلك " أو " أراده " فلا جواب إلا: " أنه لم يرده " لعدم الأمر به، وعدم إظهاره، بعد كون الإرادة هي الفعل النفساني، ومن مقولة الفعل تسامحا، وإذا سئل