الأغراض والدواعي. فما يظهر من صاحب " الكفاية ": من تقسيم الإرادة إلى الإنشائية، والتكوينية الجدية الحقيقية (1) - لو تم - فهو بلحاظ أن الإرادة التشريعية، هي التي تعلقت بالقانون والبعث، قبال إرادة الفاعل، فإنها تعلقت بالضرب.
وأما توهم: أن الإرادة في التشريع غير الإرادة في التكوين، فهو واضح المنع، لأن كل فعل صادر من الفاعل المختار مسبوق بالإرادة، إلا أن الاختلاف في الدواعي ومتعلقات الإرادة. وما أفاده العلامة الأراكي (رحمه الله) (2) هنا، في غاية الوهن، ولا حاجة إلى نقله ونقده، والعذر منهم أنهم ليسوا من أهله.
الثاني: لا شبهة في استحقاق الكفار بل مطلق العصاة للعقاب، ولا شبهة في أن صحة العقوبة، منوطة بترشح الإرادة الجدية من المولى متوجهة إلى أفعالهم وأعمالهم، ولا كلام في أن إرادته تعالى علة الإيجاد، فلا يعقل التفكيك بينها وبين متعلقها، فلا بد من الالتزام بأمر آخر وراء الإرادة، وهو المسمى ب " الطلب والكلام النفسي " وإلا يلزم عدم صحة العقوبة، بل وعدم استحقاقهم (3).
وأنت ترى: أن الأشعري التزم بهذه الصفة للبرهان العقلي، وإلا فلا منع من قبله - عند فساده - من إنكار مرامه، كما عرفت: أنه يريد إثبات أمر غير الإرادة في موقفها، لا مجامعا لها، وأن المسألة عقلية، لا لغوية، وأنه لا يمكن الإصلاح بين الفرق المذكورة، بحمل حديث الاتحاد والعينية، على العينية مفهوما ومصداقا وإنشاء، وحمل حديث المغايرة والاثنينية على اثنينية الانشائي من الطلب، كما هو المتبادر منه بدوا، والحقيقي من الإرادة كما هو المراد غالبا منها حين إطلاقها،