الارتباطيين، بمعنى عدم إمكان استيفاء تمام المصلحة إلا بمصداق واحد، لا بمصداقين كما لا يخفى، ولا ينبغي الخلط جدا كما خلطوا.
فما قد يقال: من أن الاجزاء لو تم فهو في مثل الصلاة، للإجماع على مقدار الواجب منها (1)، فهو في غير محله.
ومقتضى ما ذكرناه أنه إذا كان في أول الوقت مختارا، فتخلف عصيانا أو نسيانا، وكان آخر الوقت مضطرا، فإنه لا يسقط عنه الأمر، بل الواجب عليه عند ذلك هي الناقصة، فترخيص المولى أول الوقت، لا يمكن إلا على الوجه الذي أشير إليه المورث للإجزاء. وتعيين المائية أول الوقت مع العلم بحصول الاضطرار آخره، لا يورث سقوط الأمر بعد تفويت مصلحة المائية، كما لا يخفى.
وبعبارة أخرى: هذه المسألة شبيهة بمسألة الترتب، فكما أن هناك ليس إلا أمرين، أحدهما: فعلي، والآخر: شأني، كذلك الأمر هنا.
ولكنه في تلك المسألة، يكون الأهم والمهم متباينين في الماهية والوجود، بخلافه هنا، ضرورة أن اختلاف الناقصة والكاملة، ربما تكون في الكيف، وأخرى يكون في الكم، كما هو الظاهر.
وأيضا: في تلك المسألة يكون المهم والأهم بحسب الأمر طوليين، وبحسب الزمان عرضيين، وهنا يكون الاختياري والاضطراري بحسب الزمان أيضا طوليين، ولذلك ربما يكون المهم من أول الأمر فعليا هنا، بخلافه هناك، فإن الأهم فعلي في جميع فروض البحث، وإلا فليس من الترتب المصطلح.
وكما أن امتثال المهم، لا يعقل إلا بعد إعراض المولى عن الأهم، أو سقوطه بالعصيان، كذلك الأمر هنا، فإن امتثال الاضطراري لا يعقل إلا بعد تحقق موضوعه، ورفع اليد عن الأهم، وهي المائية، وإن كان ذلك ليس لأجل العصيان إلا فيما كان