فليتدبر جيدا.
ثم إن انتفاء الشرط تارة: يكون لأجل عصيان المأمور، وخبث سريرته، وأنه يعاند الآمر ويستهزئ به.
وأخرى: يكون لأجل عجزه وجهله. والكل شريك في امتناع توجيه الخطاب الجدي إليهم المستتبع للعقاب.
فتحصل: أن المراد ليس انتفاء شرط الأمر مع الإقرار بشرطيته، فإنه يناقض نفس العنوان، بل المراد أن ما توهمه المشهور من الشرطية لصدور الأمر - وهو احتمال الانبعاث، أو القطع بالانبعاث - شرط عام، أو يمكن تحقق الأمر بدونه، واختار الثاني جماعة (1) وأي دليل أدل على الشئ من وقوعه؟! فإن عصاة الناس يعاقبون على الفروع والتكاليف، وهي لا تصير تكليفا إلا بالأمر الجدي لا الامتحاني، ولا الإعذاري.
وبعدما عرفت ذلك يعلم: أن مجرد اشتراك لفظة " الأمر " أورث اختيار هذا البحث في الأوامر، وإلا فهو أجنبي عن المسألة الأصولية.
نعم، ما هو البحث المنتج: هو أن احتمال الانبعاث أو القطع به، من شرائط تحقق الأمر، أم لا، وإذا كان هو من الشرائط، فلا يمكن وجوده بدونه، وإذا لم يكن من الشرائط فيمكن، وحيث إن التحقيق - على ما مر - أن الأوامر الامتحانية والإعذارية تكون أمرا واقعا وحقيقة، وأن الميزان المصحح للعقوبة ليس كون الأمر بداعي الانبعاث، بل ما هو المصحح أعم من ذلك، فلا منع من تحققه بدون الشرط المزبور.
هذا كله تمام الكلام في إمكان تصوير الأمر مع فقد الشرط المراد في العنوان.