الطلب والإرادة، وهذه المسألة راجعة إلى الأمر، وهو مقام الانشاء والجعل. ولو كانت من متفرعات تلك المسألة، كان على الأشاعرة إنكار إمكان الأمر مع العلم بانتفاء شرطه، دون الطلب، حتى يثبت بذلك تعدد الأمر، وهو الإرادة المظهرة مع الطلب، فما ترى في كتب أصحابنا الأصوليين (1)، أيضا لا يخلو من تأسف.
فبالجملة: البحث في المقام، يكون حول تصوير إصدار الأمر والنهي من العالم بانتفاء شرط تنفيذهما، وشرط نافعيتهما، وعدم كونهما لغوا، وهذا مشكل وإعضال لا بد من حله، فإرجاع البحث إلى أن الأمر مع العلم بانتفاء شرط وجوده، كما في " الفصول " و " الكفاية " (2) بعد الاعتراف بالشرطية، أو إرجاع البحث إلى فقد شرط المأمور به والمكلف به، كما في كلام جمع آخرين (3)، غير سديد، بل البحث يرجع إلى أن فقد شرط الأمر مع العلم بفقدانه، هل يستلزم امتناع صدور الإرادة والجد من المولى العالم الحكيم، أم لا؟
فهذه المسألة سيقت لرفع شبهة عقلية، وراجعة إلى مقام الإثبات، وهو فرض علم الآمر بعدم تأثير الأمر ولغويته، فكيف يمكن عقاب عصاة الناس، مع عدم إمكان توجيه الخطاب الجدي إليهم؟! من غير فرق بين الكفار ومن بحكمهم، ومن غير فرق بين كون الحكم الصادر من العالم بانتفاء الشرط أصلا تكليفيا، أو وضعيا، فإن جعل الأحكام الوضعية، بلحاظ الثمرات المترتبة عليها، فإذا كان عالما بانتفاء الثمرة - وهي التكاليف المستتبعة لها - لا يعقل صدور الجد منه إلى جعلها،