الحرام رأسا، لا يكون عقلا معذورا في مخالفته فيما اضطر إلى ارتكابه بسوء اختياره، ويكون معاقبا عليه، كما إذا كان ذلك بلا توقف عليه، أو مع عدم الانحصار به، ولا يكاد يجدي توقف انحصار التخلص عن الحرام به، لكونه بسوء الاختيار.
إن قلت: كيف لا يجديه، ومقدمة الواجب واجبة؟
قلت: إنما يجب المقدمة لو لم تكن محرمة، ولذا لا يترشح الوجوب من الواجب إلا على ما هو المباح من المقدمات دون المحرمة مع اشتراكهما في المقدمية.
وإطلاق الوجوب بحيث ربما يترشح منه الوجوب عليها مع انحصار المقدمة بها، إنما هو فيما إذا كان الواجب أهم من ترك المقدمة المحرمة، والمفروض هاهنا وإن كان ذلك إلا أنه كان بسوء الاختيار، ومعه لا يتغير عما هو عليه من الحرمة والمبغوضية، وإلا لكانت الحرمة معلقة على إرادة المكلف واختياره لغيره، وعدم حرمته مع اختياره له، وهو كما ترى، مع أنه خلاف الفرض، وأن الاضطرار يكون بسوء الاختيار.
إن قلت (1): إن التصرف في أرض الغير بدون إذنه بالدخول والبقاء حرام، بلا إشكال ولا كلام، وأما التصرف بالخروج الذي يترتب عليه رفع الظلم، ويتوقف عليه التخلص عن التصرف الحرام، فهو ليس بحرام في حال من الحالات، بل حاله حال مثل شرب الخمر، المتوقف عليه النجاة من الهلاك في الاتصاف بالوجوب في جميع الأوقات.