أن في المقام نكتة أخرى مخفية على القوم، وهي أن المأمور به ليس مورد الشك، ولا إبهام في حدوده حتى يحتاج إلى إثبات أن الباقي تمام المأمور به، كما في عبارة الفاضل المزبور، أو قلنا بعدم الاحتياج إلى إثباته، بل المدار على ما قام عليه الحجة، سواء كان عنوان " تمام المطلوب والمأمور به " أو لم يكن، كما في عبارة المحقق المذكور.
بل المفروض امتناع أخذه تحت الأمر، فكيف يمكن الشبهة في حد المأمور به، كما مضى في كلام الشيخ الأعظم (قدس سره) (1)؟
فإذا كان الأمر كما سمعت، فالشك يرجع إلى ما هو المورث لتضيق المرام المستلزم لعدم سقوط الأمر، وعند ذلك كيف يعقل إجراء الحديث؟! وإلا فإذا أجريناه فلا كلام في عدم مثبتيته.
نعم، بناء على امتناع أخذه في متعلق الأمر الأول، وإمكان جعله بالمتمم، فلا بد من التشبث بخفاء الواسطة، وهو عندنا غير سديد، لعدم الفرق بين الجلي والخفي، كما حررناه وحققه الوالد في محله (2)، وخفي عليه أمره هنا، ولم يشر إليه، وتشبث بما أشير إليه آنفا. فبالجملة: لا موقع لتوهم المثبتية رأسا.
وأما إجراء حديث الرفع، فإن قلنا: بأن الأمر الآخر متكفل للتكليف المستقل، ناظر إلى الأمر الأول، فالتكليف المستقل قابل للرفع بذاته.
وإن قلنا: بأنه إرشاد إلى تضييق المرام، فالضيق قابل للرفع بحسب الأثر العملي، ولا حاجة إلى إفادة كون ما تعلق به الأمر الأول، يسقط بإتيان نفس الطبيعة، بل هو بعد رفع الضيق قهري، لارتفاع الشك في السبب، فليتدبر جيدا.