وأما ما أفاده السيد المجدد الشيرازي في المقام: " من أن العبادية إنما هي كيفية في المأمور به، وعنوان له، ويكون قصد الأمر أو الوجه أو غير ذلك، من المحققات لذلك العنوان، ومحصلا له، من دون أن يكون متعلقا للأمر، ولا مأخوذا في المأمور به.
وبالجملة: العبادة هي عبارة عن الوظيفة التي شرعت لأجل أن يتعبد بها العبد، فالصلاة المأتي بها بعنوان التعبد وإظهارا للعبودية، هي المأمور بها، والأمر بها على هذا الوجه بمكان من الإمكان " (1) انتهى.
ففيه أولا: أن هذا هو الوجه الذي يستلزم سقوط بحث التعبدي والتوصلي، كما شرحناه سابقا (2)، وذكرنا أن هذه المسألة مبنية على تقوم عبادية العبادة بقصد الأمر والامتثال، وأن المشكلة التي حدت الأعلام إلى فتح هذا الباب، أن العبادية معناها الإتيان بداعي الأمر، فكيف يعقل أخذه في متعلق الأمر؟!
وثانيا: هذا يستلزم الاشتغال، لأن الواجب بناء عليه - كما مضى منا - يصير عنوان " العبادة " وعند ذلك إما يتعين الاحتياط مطلقا في الأقل والأكثر إلا في التوصليات، أو يتعين الاشتغال في المحصلات الشرعية، ولا أظن التزامه بذلك.
وثالثا: يلزم كون الأمر المتوجه إلى العبادات توصليا، وأن مناط العبادية كون الفعل صادرا عن داع إلهي، وهذا أيضا بعيد. مع أنه مناقض لما أفاده من كفاية الإتيان بالفعل بداعي الأمر في العبادية، فراجع وتدبر.
وأما استفادة العبادية من الإطلاق المقامي، فهو أيضا محل المناقشة، لأنه فيما إذا أمكن إفادتها بالألفاظ، وهي - على ما أشرنا إليه - على ما سلكه القوم ممتنعة.