متعسف ولا مكابر (1).
المحور الرابع - للانجازات الفقهية في هذه المدرسة - (تدوين القواعد الفقهية) وهو أمر جديد في تاريخ الفقه الإمامي.
والقواعد الفقهية أحكام كلية تندرج تحت كل منها تطبيقات جزئية من أبواب مختلفة من الفقه أو من باب واحد من أبوابه، وهي كثيرة في أبواب المعاملات والعقود والنكاح والمواريث والعبادات والجنايات وغيرها.
وتعتبر هذه القواعد من أهم مصادر الاجتهاد ومساحة خصبة من مساحات الفقه، يستطيع الفقيه أن يفيد من تطبيقاتها فائدة واسعة في مختلف أبواب الفقه، ويستخرج منها أحكاما لفروع فقهية جديدة.
ولا بد للفقيه من استخدام الأصول والقواعد معا إلا أن ولادة الأصول ونشوءه في الفقه الإمامي كان قبل ولادة القواعد.
وفي مدرسة جبل عامل تم تدوين القواعد الفقهية لأول مرة في تاريخ أهل البيت، وكان الشهيد الأول محمد بن مكي العاملي رحمه الله (المتوفى في 786 ه) هو أول فقيه إمامي ينهض بهذا المشروع الفقهي بصورة منهجية وذلك في كتابه القيم الجليل " القواعد والفوائد ".
يقول الشهيد عن كتابه هذا في إجازته لابن الخازن أنه لم يعمل الأصحاب مثله.
وهذا الكتاب يحتوي على ما يقرب من ثلاثمائة وثلاثين قاعدة، وما يقرب من مائة فائدة، ويبحث الشهيد هذه القواعد في كثير من الأحيان بصورة مقارنة بين المذاهب المختلفة، يستعرض فيها الآراء ويخضعها لمناقشة علمية دقيقة. ونظرا لتداخل القواعد والفوائد في هذا الكتاب وعدم انتظامها بنظام معين قام تلميذه المقداد السيوري الحلي بنظم وتهذيب هذا الكتاب وأسماه ب " نضد القواعد