ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله " قال إذا جاء الطعام حلوا أو مرا اعتاف عند ذلك ثم قال ابن عباس: إنما علم فعلم وهذا أثر غريب ثم قال وهذا إنما هو من تعليم الله إياي لاني اجتنبت ملة الكافرين بالله واليوم الآخر فلا يرجون ثوابا ولا عقابا في المعاد " واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب " الآية يقول هجرت طريق الكفر والشرك وسلكت طريق هؤلاء المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهكذا يكون حال من سلك طريق الهدى واتبع طريق المرسلين وأعرض عن طريق الضالين فإن الله يهدي قلبه ويعلمه ما لم يكن يعلم ويجعله إماما يقتدى به في الخير وداعيا إلى سبيل الرشاد " ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس " هذا التوحيد وهو الاقرار بأنه لا إله إلا الله وحده لا شريك له " من فضل الله علينا " أي أوحاه إلينا وأمرنا به " وعلى الناس " إذ جعلنا دعاة لهم إلى ذلك " ولكن أكثر الناس لا يشكرون " أي لا يعرفون نعمة الله عليهم بإرسال الرسل إليهم بل " بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار " وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية حدثنا حجاج عن عطاء عن ابن عباس أنه كان يجعل الجد أبا ويقول والله لمن شاء لاعنته عند الحجر ما ذكر الله جدا ولا جدة قال الله تعالى يعني إخبارا عن يوسف " واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب).
يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار (39) ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون (40) ثم إن يوسف عليه السلام أقبل على الفتيين بالمخاطبة والدعاء لهما إلى عبادة الله وحده لا شريك له وخلع ما سواه من الأوثان التي يعبدها قومهما فقال " أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار " أي الذي ذل كل شئ لعز جلاله وعظمة سلطانه ثم بين لهما أن التي يعبدونها ويسمونها آلهة إنما هي جعل منهم وتسمية من تلقاء أنفسهم تلقاها خلفهم عن سلفهم وليس لذلك مستند من عند الله ولهذا قال " ما أنزل الله بها من سلطان " أي حجة ولا برهان ثم أخبرهم أن الحكم والتصرف والمشيئة والملك كله لله وقد أمر عباده قاطبة أن لا يعبدوا إلا إياه ثم قال تعالى " ذلك الدين القيم " أي هذا الذي أدعوكم إليه من توحيد الله وإخلاص العمل له هو الدين المستقيم الذي أمر الله به وأنزل به الحجة والبرهان الذي يحبه ويرضاه " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أي فلهذا كان أكثرهم مشركين " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " وقد قال ابن جريج: إنما عدل بهم يوسف عن تعبير الرؤيا إلى هذا لأنه عرف أنها ضارة لأحدهما فأحب أن يشغلهما بغير ذلك لئلا يعاودوه فيها فعاودوه فأعاد عليهم الموعظة وفي هذا الذي قاله نظر لأنه قد وعدهما أولا بتعبيرها ولكن جعل سؤالهما له على وجه التعظيم والاحترام وصلة وسببا إلى دعائهما إلى التوحيد والاسلام لما رأى في سجيتهما من قبول الخير والاقبال عليه والانصات إليه ولهذا لما فرغ من دعوتهما شرع في تعبير رؤياهما من غير تكرار سؤال فقال:
يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقى ربه خمرا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه قضى الامر الذي فيه تستفتيان (41) " يقول لهما " يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا " وهو الذي رأى أنه يعصر خمرا ولكنه لم يعينه لئلا يحزن ذاك ولهذا أبهمه في قوله " وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه " وهو في نفس الامر الذي رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا ثم أعلمهما أن هذا قد فرغ منه وهو واقع لا محالة لان الرؤيا على رجل طائر ما لم تعبر فإذا