شاء ويشهد لهذا ما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن أبي سلام الأعرج عن المقدام بن معديكرب الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء والحارث بن معاوية الكندي رضي الله عنهم فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو الدرداء لعبادة يا عبادة كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة كذا وكذا في شأن الأخماس فقال عبادة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في غزوة إلى بعير من المغنم فلما سلم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وبرة بين أنملتيه فقال " إن هذه من غنائمكم وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأكبر من ذلك وأصغر ولا تغلوا فإن الغلول عار ونار على أصحابه في الدنيا والآخرة وجاهدوا الناس في الله القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم وأقيموا حدود الله في السفر والحضر وجاهدوا في الله فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله به من الهم والغم ". هذا حديث حسن عظيم ولم أره في شئ من الكتب الستة من هذا الوجه ولكن روى الإمام أحمد أيضا وأبو داود والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه في قصة الخمس والنهي عن الغلول. وعن عمرو بن عنبسة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم إلى بعير من المغنم فلما سلم أخذ وبرة من هذا البعير ثم قال " ولا يحل لي من غنائمكم مثل هذه إلا الخمس والخمس مردود عليكم ". رواه أبو داود والنسائي وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الغنائم شئ يصطفيه لنفسه عبد أو أمة أو فرس أو سيف أو نحو ذلك كما نص عليه محمد بن سيرين وعامر الشعبي وتبعهما على ذلك أكثر العلماء. وروى الإمام أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كانت صفية من الصفي رواه أبو داود في سننه وروى أيضا بإسناده والنسائي أيضا عن يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمربد إذ دخل رجل معه قطعة أديم فقرأناها فإذا فيها " من محمد رسول الله إلى بني زهير بن قيس إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وأديتم الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم الصفي أنتم آمنون بأمان الله ورسوله " فقلنا من كتب هذا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذه أحاديث جيدة تدل على تقرير هذا وثبوته ولهذا جعل ذلك كثيرون من الخصائص له صلوات الله وسلامه عليه وقال آخرون: إن الخمس يتصرف فيه الامام بالمصلحة للمسلمين كما يتصرف في مال الفئ وقال شيخنا الامام العلامة ابن تيمية رحمه الله وهذا قول مالك وأكثر السلف وهو أصح الأقوال. فإذا ثبت هذا وعلم فقد اختلف أيضا في الذي كان يناله عليه السلام من الخمس ماذا يصنع به من بعده فقال قائلون يكون لمن يلي الامر من بعده روي هذا عن أبي بكر وعلي وقتادة وجماعة. وجاء فيه حديث مرفوع وقال آخرون يصرف في مصالح المسلمين وقال آخرون بل هو مردود على بقية الأصناف ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل اختاره ابن جرير وقال آخرون بل سهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم ذوي القربى مردودان على اليتامى والمساكين وابن السبيل قال ابن جرير وذلك قول جماعة من أهل العراق وقيل إن الخمس جميعه لذوي القربى كما رواه ابن جرير حدثنا الحارث حدثنا عبد العزيز حدثنا عبد الغفار حدثنا المنهال بن عمرو سألت عبد الله بن محمد بن علي وعلي بن الحسين عن الخمس فقالا: هو لنا فقلت لعلي فإن الله يقول " واليتامى والمساكين وابن السبيل " فقالا يتامانا ومساكيننا وقال سفيان الثوري وأبو نعيم وأبو أسامة عن قيس بن مسلم سألت الحسن بن محمد بن الحنفية رحمه الله تعالى عن قول الله تعالى " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول " فقال هذا مفتاح كلام الله الدنيا والآخرة ثم اختلف الناس في هذين السهمين بعد وفاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال قائلون سهم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم تسليما للخليفة من بعده وقال آخرون لقرابة النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وقال آخرون سهم القرابة لقرابة الخليفة واجتمع رأيهم أن يجعلوا هذين السهمين في الخيل والعدة في سبيل الله فكانا على ذلك في خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما قال الأعمش عن إبراهيم كان أبو بكر وعمر يجعلان سهم النبي صلى الله عليه وسلم في الكراع والسلاح فقلت لإبراهيم ما كان علي فيه؟ قال: كان أشدهم
(٣٢٤)