يعرب عنه لسانه " الحديث فالمؤمن باق على هذه الفطرة وقوله " ويتلوه شاهد منه " أي وجاءه شاهد من الله وهو ما أوحاه إلى الأنبياء من الشرائع المطهرة المكملة المعظمة المختتمة بشريعة محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين. ولهذا قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وأبو العالية والضحاك وإبراهيم النخعي والسدي وغير واحد في قوله تعالى " ويتلوه شاهد منه " أنه جبريل عليه السلام وعن علي رضي الله عنه والحسن وقتادة هو محمد صلى الله عليه وسلم وكلاهما قريب في المعنى لان كلا من جبريل ومحمد صلوات الله عليهما بلغ رسالة الله تعالى فجبريل إلى محمد ومحمد إلى الأمة وقيل هو علي وهو ضعيف لا يثبت له قائل والأول والثاني هو الحق وذلك أن المؤمن عنده من الفطرة ما يشهد للشريعة من حيث الجملة والتفاصيل تؤخذ من الشريعة والفطرة تصدقها وتؤمن بها لهذا قال تعالى " أفمن كان على بينة من ربه ويتلوه شاهد منه " وهو القرآن بلغه جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبلغه النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى أمته ثم قال تعالى " ومن قبله كتاب موسى " أي ومن قبل القرآن كتاب موسى وهو التوراة " إماما ورحمة " أي أنزل الله تعالى إلى تلك الأمة إماما لهم وقدوة يقتدون بها ورحمة من الله بهم فمن آمن بها حق الايمان قادة ذلك إلى الايمان بالقرآن ولهذا قال تعالى " أولئك يؤمنون به " ثم قال تعالى متوعدا لمن كذب بالقرآن أو بشئ منه " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " أي ومن كفر بالقرآن من سائر أهل الأرض مشركهم وكافرهم وأهل الكتاب وغيرهم ومن سائر طوائف بني آدم علي اختلاف ألوانهم وأشكالهم وأجناسهم ممن بلغه القرآن كما قال تعالى " لأنذركم به ومن بلغ " وقال تعالى " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا " وقال تعالى " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " وفي صحيح مسلم من حديث شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني ثم لا يؤمن بي إلا دخل النار " وقال أيوب السختياني عن سعيد بن جبير قال: كنت لا أسمع بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه أو قال تصديقه في القرآن فبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني فلا يؤمن بي إلا دخل النار " فجعلت أقول أين مصداقه في كتاب الله؟ وقال وقلما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وجدت له تصديقا في القرآن حتى وجدت هذه الآية " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " قال من الملل كلها وقوله " فلا تك في مرية منه إنه الحق من ربك " الآية أي القرآن حق من الله لا مرية ولا شك فيه كما قال تعالى " ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين " وقال تعالى " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه " وقوله " ولكن أكثر الناس لا يؤمنون " كقوله تعالى " وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين " وقال تعالى " وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله " وقال تعالى " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين.
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أولئك يعرضون على ربهم ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين (18) الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة هم كافرون (19) أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض وما كان لهم من دون الله من أولياء يضاعف لهم العذاب ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون (20) أولئك الذين خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون (21) لا جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون (22) يبين تعالى حال المفترين عليه وفضيحتهم في الدار الآخرة على رؤوس الخلائق من الملائكة والرسل والأنبياء وسائر البشر والجان كما قال الإمام أحمد حدثنا بهز وعفان قالا أخبرنا همام حدثنا قتادة عن صفوان بن محرز قال:
كنت آخذا بيد ابن عمر إذ عرض له رجل قال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال