وهكذا روى علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس أن هذه الآية الكريمة قوله " إذ تستغيثون ربكم " في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قال يزيد بن تبيع والسدي وابن جريج وقال أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح قال:
لما كان يوم بدر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يناشد ربه أشد المناشدة يدعو فأتاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله: بعض مناشدتك فوالله ليفين الله لك بما وعدك قال البخاري في كتاب المغازي باب قول الله تعالى " إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم " - إلى قوله - " فإن الله شديد العقاب " حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال سمعت ابن مسعود يقول شهدت من المقداد بن الأسود مشهدا لان أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى " اذهب أنت وربك فقاتلا " ولكنا نقاتل عن يمينك وعن شمالك وبين يديك وخلفك فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرق وجهه وسره يعني قوله.
حدثني محمد بن عبد الله بن حوشب حدثنا عبد الوهاب حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر " اللهم أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد " فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك فخرج وهو يقول " سيهزم الجمع ويولون الدبر ". ورواه النسائي عن بندار عن عبد الوهاب عن عبد المجيد الثقفي وقوله تعالى " بألف من الملائكة مردفين " أي يردف بعضهم بعضا كما قال هارون بن هبيرة عن ابن عباس " مردفين " متتابعين ويحتمل أن المراد " مردفين " لكم أي نجدة لكم كما قال العوفي عن ابن عباس " مردفين " يقول المدد كما تقول أنت للرجل زده كذا وكذا. وهكذا قال مجاهد وابن كثير القارئ وابن زيد " مردفين " ممدين وقال أبو كدينة عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس " يمددكم ربكم بألف من الملائكة مردفين " قال وراء كل ملك ملك.
وفي رواية بهذا الاسناد " مردفين " قال بعضهم على أثر بعض وكذا قال أبو ظبيان والضحاك وقتادة وقال ابن جرير حدثني المثنى حدثنا إسحاق حدثنا يعقوب بن محمد الزهري حدثني عبد العزيز بن عمران عن الربعي عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير عن علي رضي الله عنه قال: نزل جبريل في ألف من الملائكة عن ميمنة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أبو بكر ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة عن ميسرة النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في الميسرة. وهذا يقتضي إن صح إسناده أن الألف مردفة بمثلها ولهذا قرأ بعضهم " مردفين " بفتح الدال والله أعلم. والمشهور ما رواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: وأمد الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بألف من الملائكة فكان جبريل في خمسمائة من الملائكة مجنبة وميكائيل في خمسمائة مجنبه. وروى الإمام أبو جعفر ابن جرير ومسلم من حديث عكرمة بن عمار عن أبي زميل سماك بن وليد الحنفي عن ابن عباس عن عمر الحديث المتقدم ثم قال أبو زميل: حدثني ابن عباس قال: بينا رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم إذ نظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا قال فنظر إليه فإذا هو قد حطم وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين وقال البخاري: " باب شهود الملائكة بدرا ". حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا جرير عن يحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة بن رافع الزرقي عن أبيه وكان أبوه من أهل بدر قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما تعدون أهل بدر فيكم؟ قال: " من أفضل المسلمين " أو كلمة نحوها قال: " وكذلك من شهد بدرا من الملائكة " انفرد بإخراجه البخاري. وقد رواه الطبراني في المعجم الكبير من حديث رافع بن خديج وهو خطأ والصواب رواية البخاري والله أعلم. وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمر لما شاوره في قتل حاطب بن أبي بلتعة " إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم " وقوله تعالى " وما جعله الله إلا بشرى " الآية. أي وما جعل الله بعث الملائكة واعلامه إياكم بهم إلا بشرى " ولتطمئن به قلوبكم " وإلا فهو تعالى قادر على نصركم على أعدائكم ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله أي بدون ذلك ولهذا قال " وما النصر إلا من عند الله " كما قال تعالى " فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداءا حتى تضع الحرب أوزارها * ذلك ولو يشاء الله لانتصر