ثواب أهل الجنة لتزايده، فلا يؤثر فيها شيئا كما لا يؤثر مسح الغبار عن وجه المضروب بالسياط ولا قرض البرغوث في المنغمر في النعيم، ولا شبهة في عظم عقاب أهل النار لكونه مقابلا لعظيم عصيانهم واستهانتهم وقد نص على ذلك تعالى وفخم أمر العقاب (1) وعظم موقعه مجملا ومفصلا لكونه مقابلا لتحمل عظيم المشاق في الأفعال والتروك، وقد نص سبحانه على ذلك في غير موضع لو لم يكن منه إلا قوله تعالى: " وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين " (2) وقوله سبحانه: " فإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا " (3) فعظم سبحانه ما أعد لأهل طاعته مع تصغيره... بايع الآخرة مع حصول العلم الضروري بتفاوت نعيم كثير... سبحانه لم يذكر الدنيا في موضع من كتابه إلا... إليها وضرب أمثالها بأحقر مذكور واسفة مطلوب... وما وعد فيها من ثواب أهلها.
وذلك يدل على أن تفاوت ثواب كل مطيع من الجميع نعيم العاجلة، ولا يجوز أن يعلق التفاوت بالدوام حسب، لأنه تعالى: " قال وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق. الآيات " (4) وذلك يقتضي تعلق العظم بما يشاهد من الإثابة ويدرك من النعيم، وذلك مختص بالموجود منه في كل وقت دون ما لم يوجد، فيجب أن يكون المفعول منه في كل حال لكل مطيع ما يصغر في جنبه نعيم الدنيا بأسره، ولا يجوز أن يحمل وصفه تعالى الثواب بالعظم على جميعه، لأنه تعالى وعد بما وصفه من ذلك لكل مطيع بإجماع، فيجب الحكم بصدق هذا الوعد فيه دون ثواب غيره من