يغتذون ففي ذلك التذاذ وأهل النار عندكم لا يلتذون، وإن كانوا لا يغتذون فكيف تبقى حياتهم؟.
قيل: لولا ما أخبر به تعالى من أكلهم الزقوم وشربهم الحميم لجوزنا فقد الاغتذاء، ولم يمنع ذلك من بقاء حياتهم، لأن ذلك إنما علم في الشاهد لكونه معتادا غير موجب، إذ لا تأثير للغذاء في بقاء الحيوان، وإنما أجرى تعالى العادة بفعل ما تبقى الحياة معه عند الاغتذاء بالمآكل والمشارب المخصوصة، وهو سبحانه قادر على ذلك من دون الاغتذاء، فعلى هذا قد كان جائزا... وإن فقدوا الأغذية فتبقى معه حياتهم لكنه... به لا لما توهمه السائل، كونهم ذوي أكل وشرب. والمشروب لأن الحي لا يلتذ بنفس تناوله الغذاء وإنما يكون ملتذا للمتناول. (كذا).
ولهذا نجد أحدنا يألم في حال بما كان ملتذا... بالاجماع أن أهل النار لا يلتذون بشئ مع إخباره تعالى عن أكلهم وشربهم، قطعنا على أنه تعالى لم يفعل فيهم شهوة لشئ منه، فكيف وقد أخبر بسوء حالهم وعظم المهم عند تناول ذلك الغذاء، بقوله تعالى: " إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم " (1) وقوله سبحانه: " ليس لهم طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع " (2) وقوله سبحانه متوعدا: " ثم إنكم أيها الضالون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم فمالؤن منها البطون فشاربون عليه من الحميم فشاربون شرب الهيم " (3) وقال سبحانه في شرابهم: " وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا " (4) وأمثال هذه الآيات