الآلام ويجوز أن ينقطع ما يتفضل به تعالى عليهم من النعيم ويجوز أن يديمه بدوام الثواب، فأما العوض فلا بد من انقطاعه لكون المستحق منه محصورا وإذا قطع التفضل أو انقطع العوض عن المثاب فلا بد أن يصرفه الله تعالى عن الفكر فيه أو يكون يسيرا منغمرا في جنب ثوابه فلا يجد لفقده مسالان لا يتكدر ثوابه الواجب خلوصه حسب ما أخبر به سبحانه، ويجوز أن يكون ما يتفضل به تعالى من النعيم على أهل الثواب وغيرهم من أهل الجنة أو يفعل لهم... في المقدار على الثواب إنما يبين من العوض والتفضل بوقوعه... التزايد ومن جملة نعيمهم وكامل سرورهم... العذاب وما ورثوه من منازلهم التي كانت أعدت... منازل أهل النار التي كانت أعدت لهم في الجنة لو أطاعوا... في ذلك حال الرجال.
وأهل النار من الأولين والآخرين ضربان: كفار مخلدون وإن زاد عقاب بعض على بعض بحسب كفره، وفساق مقطوع على خروجهم من النار بعفو مبتدء أو عند شفاعة أو انتهاء عقابهم إلى غاية مستحقه، وحالهم في مراتب التعذيب بحسب عصيانهم، ولا يجوز أن يبلغ عقابهم في العظم عقاب الكفار لاقتران ما استحقوا به العقاب من المعصية بالمعرفة بالمعصي تعالى والخوف منه والرجاء لفضله و تسويف التوبة، وانتفاء ذلك أجمع عن عصيان الكفار. ولا سبيل إلى العلم بمقدار إقامتهم فيها. فالنار إذا لا يدخلها إلا مستحق للتعذيب لقبح الابتداء به.
والجنة يدخلها المستحق والمتفضل عليه لحسن الابتداء بالتنعيم.
إن قيل: ما الوجه الحكمي في ما ذكرتموه من أحوال الموقف وأهله؟
قيل: وجه ذلك أولا كونه مستندا إلى إرادة حكيم لا يجوز عليه تعالى العبث ولا يقع منه القبيح.
وبعد فهو محتمل لوجوه كل منها يصح أن يكون مقصودا يحسن لأجله:
منها تعجيل قسط من ثواب أهل الإيمان وعقاب الكفار.