وإحداثه سبحانه ما يتعذر على كل محدث دليل على كونه قديما، إذ لو كان سبحانه محدثا لتعذر عليه ما يتعذر على المحدث.
وهذه الصفات نفسية لوجوبها له وثبوت صفة الجواز في صفات المعاني والفاعل، لأن (1) طريق إثبات المعاني وصفات الفاعل متعذرة في صفاته تعالى فثبت أنها للنفس. ومعنى ذلك أنه تعالى قادر عالم حي قديم لما هو عليه سبحانه، لا معنى هو غيره كسواد الجسم ولا بصفة بالفاعل ككون الصوت أمرا أو خبرا.
وإذا ثبت كونه تعالى قديما وأن صفاته نفسية، ثبت استحقاقه لها فيما لم يزل، واستحالة خروجه عنها، من حيث اقتضى قدمه وجوده في كل حال ماضية ومستقبلة، وثبوت الصفة المستندة إلى النفس في جميع أحوال وجود الموصوف بها، لكونها مقتضاة عما هو عليه واستحالة وجود المقتضي وانتفاء مقتضاه.
وكونه تعالى حيا لا آفة به يقتضي وصفه سبحانه بسميع بصير، ويوجب إثباته مدركا متى وجدت المدركات، بدليل وصف الحي الذي لا آفة به بسميع وبصير، ووجوب حصول حكم الادراك متى وجد المدرك وارتفعت الموانع.
ووقوع أفعاله تعالى على وجه دون وجه وفي حال دون حال دليل على أنه سبحانه مريد، لعلمنا بافتقار ذلك إلى أمر زائد على كون الحي قادرا عالما لأنه قد يقدر على أشياء، ويعلم أشياء كثيرة، ويؤثر إيجاد بعضها دون بعض، وفي حال دون أخرى، وعلى وجه دون وجه، كالقادر على التجارة والكتابة و العالم بضروبهما قد يؤثر الكتابة مرة، والتجارة أخرى، ويقصد إلى نوع من إحديهما دون نوع، وفي حال دون حال، مع تساوي الكل في كونه مقدورا معلوما له، فاقتضى ذلك ثبوت صفة له زائدة على كونه قادرا عالما، تلك الصفة