على الأول دون الثاني، ويدلك على ذلك إناطتهم الحرج والمشقة بالنجاسة، مع أن العفو عندهم هنا كما عرفت ليس المراد به النجاسة مع جواز الاستعمال، بل المراد به سلب الطهورية.
نعم ناقش المحدث الأمين الأسترآبادي (عطر الله مرقده) في الاستدلال بهذا الوجه قائلا: " لا يخفى أن هذا الوجه غير سديد، لأن المقدار الذي اعتبره الشارع من الحرج والعسر غير منضبط في أذهاننا فكيف يتمسك بهما؟ نعم يمكن التمسك بهما من باب مفهوم الموافقة مع وجود نص في فرد أخف، فتأمل " انتهى. وهو متجه.
وما ذكره من التمسك بهما من باب مفهوم الموافقة متجهة باعتبار ورود النص بالعفو عما ينزو من غسالة الجنب في إنائه، وما ينزو من الأرض المتنجسة بالبول، وما يتساقط من غسالته كما تقدم في المسألة الثانية. إلا أن في العمل بمفهوم الموافقة ما عرفت في المقدمة الثالثة (1) وإن كان المحدث المذكور ممن يعتمد عليه في غير موضع من تحقيقاته (الثالث) اعلم أن ممن رجح القول بالعفو شيخنا الشهيد الأول في الذكرى، حيث قال: " وفي المعتبر ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة وإنما هو بالعفو، وتظهر الفائدة في استعماله. ولعله أقرب، لتيقن البراءة بغيره " انتهى. ويظهر ذلك من المنتهى أيضا.
وأما كلام المعتبر في هذا الباب فلا يخلو من اجمال بل اضطراب، ولهذا اختلفت في نقل مذهبه كلمة من تأخر عنه من الأصحاب، قال (عطر الله مرقده): " وأما طهارة ماء الاستنجاء فهو مذهب الشيخين. وقال علم الهدى في المصباح. لا بأس بما ينتضح من ماء الاستنجاء على الثوب والبدن. وكلامه صريح في العفو وليس بصريح في الطهارة. ويدل على الطهارة ما رواه الأحول عن أبي عبد الله (عليه السلام) ثم ساق حسنته المتقدمة (2) وأردفها برواية عبد الكريم بن عتبة الهاشمي المتقدمة أيضا (3)