(الحادية عشرة) هل يختص البحث في هذه المسألة والخلاف فيها بما كان قليلا فقط، أو يشمل الكثير أيضا؟
الظاهر من كلمات جمع من الأصحاب تصريحا تارة وتلويحا أخرى هو الاختصاص بالقليل.
ونقل بعض فضلاء متأخري المتأخرين عن شيخنا المفيد في المقنعة أنه حكم بكراهة الارتماس في الماء الكثير الراكد. والظاهر أنه ليس الوجه فيه إلا صيرورته مستعملا يمتنع لطهارة به من الحدث ثانيا بناء على مذهبه. والكراهة في كلام المتقدمين كما هو في الأخبار أعم من المعنى المصطلح.
قال شيخنا البهائي (قدس سره) في حواشي كتاب الحبل المتين بعد أن نقل في الأصل صحيحة صفوان بن مهران الجمال الدالة على السؤال عن الحياض التي بين مكة والمدينة، وقد تقدمت في مبحث نجاسة الماء القليل بالملاقاة (1) وصحيحة محمد بن إسماعيل ابن بزيع (2) قال: " كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء أو يستقى فيه من بئر، فسيتنجي فيه الانسان من البول أو يغتسل فيه الجنب، ما حده الذي لا يجوز؟
فكتب: لا توضأ من مثل هذا إلا من ضرورة إليه " ما صورته: " استدلال العلامة في المختلف الحديث السابع والثامن يعطي أن الخلاف ليس في الماء المنفصل عن أعضاء الغسل فقط. بل هو جار في الكر الذي يغتسل فيه أيضا فتدبر " انتهى.
أقول: فيه أن الظاهر أن استدلال العلامة بصحيحة صفوان إنما هو من حيث الاطلاق الشامل للأقل من كر. ولهذا أنه نقل ثمة عن الشيخ (رحمه الله) الجواب عن الصحيحة المذكورة بالحمل على بلوغ الكر ولم يتعرض لرده. وهو ظاهر في أن الكر ليس محل خلاف كما لا يخفى.