واعترضه المحقق الثاني بأن فيه تسامحا، لأن وصول أول جزء منه إلى النجس يقتضي نقصانه عن الكر فلا يطهر، ولورود النص بالدفعة وتصريح الأصحاب بها. ورده السيد السند في المدارك بأنه غير جيد، فإنه يكتفى في الطهارة ببلوغ المطهر الكر حال الاتصال إذا لم يتغير بعضه بالنجاسة وإن نقص بعد ذلك، مع أن مجرد الاتصال بالماء النجس لا يقتضي النقصان كما هو واضح. وما ادعاه من ورود النص بالدفعة منظور فيه، فإنا لم نقف عليه في كتب الحديث ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال. وتصريح الأصحاب بالدفعة ليس حجة، مع أن العلامة في المنتهى والتحرير اكتفى في تطهير الغدير القليل النجس باتصاله بالغدير البالغ كرا. ومقتضى ذلك الاكتفاء في طهارة القليل باتصال الكر به وإن لم يلق كله فضلا عن كونه دفعة انتهى. وفيه أن ما ذكره من أنه يكتفي في الطهارة ببلوغ الكر حال الاتصال محل نظر، لما عرفت آنفا من عدم الدليل على ذلك، إلا أن يكون ذلك إلزاما للمعترض، حيث إنه من القائلين بالاكتفاء بمجرد الاتصال.
وفصل المحقق الشيخ حسن (قدس سره) في المعالم، فقال: " والتحقيق في ذلك أنه لا يخلو، إما أن يعتبر في عدم انفعال مقدار الكر استواء سطحه أو لا، وعلى الثاني إما أن يشترط في التطهير حصول الامتزاج أو لا، وعلى تقدير عدم الاشتراط إما أن يكون حصول النجاسة عن مجرد الملاقاة أو مع التغير. فههنا صور أربع:
(الأولى) أن يعتبر في عدم انفعال الكر استواء السطح. والمتجه حينئذ اشتراط الدفعة والالقاء. لأن وقوعه تدريجا يقتضي خروجه عن المساواة، فتنفعل الأجزاء التي يصيبها الماء النجس، وينقص الطاهر عن الكر فلا يصلح لإفادة الطهارة ولا فرق في ذلك بين المتغير وغيره، لاشتراك الكل في التأثير في القليل، والمفروض صيرورة الأجزاء بعدم المساواة في معنى القليل.