من الفصل الثاني، وقال العلامة في التذكرة: " لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا إن اعتدل الماء وإلا في حق السافل، فلو نقص الأعلى عن كر انفعل بالملاقاة، ولو كان أحدهما نجسا فالأقرب بقاؤه على حكمه مع الاتصال وانتقاله إلى الطهارة بالممازجة، لأن النجس لو غلب الطاهر نجسه مع الممازجة فمع التمييز يبقى على حاله " انتهى. وقال الشهيد في الذكرى: " وطهر القليل بمطهر الكثير ممازجا، فلو وصل بكر مماسة لم يطهر، للتميز المقتضي لاختصاص كل بحكمه، ولو كان الملاقاة بعد الاتصال ولو بساقية لم ينجس القليل مع مساواة السطحين أو علو الكثير " انتهى.
ولا يخفى عليك ما في عبائر هؤلاء الأفاضل من المناقشة، فإنه متى كان الاتصال بين الغديرين بساقية مع تساوي السطوح موجبا للاتحاد في صورة عدم النجاسة، فلم لا يكون موجبا له أيضا بعد تنجس أحدهما حتى أنه يشترط الممازجة؟ إذ من الظاهر أن عروض النجاسة وعدمه لا مدخل له في الاتحاد وعدمه، فإن وصف النجاسة لا يخرج الماء عن حقيقة المائية، والحكم بالاتحاد إنما ابتني على ذلك، وإلا فلو تغير الماء بلون طاهر ثم وصل بماء خال من اللون اقتضى ذلك تعدد الماءين، ولا أظنهم يلتزمونه وحينئذ فإن كان مجرد الاتصال كافيا فينبغي أن يكون في الموضعين وإلا فلا، والقائلون بالاكتفاء بمجرد الاتصال وحصول الاتحاد به وإن أوجبوا المساواة أو علو الكثير بعد عروض النجاسة كما نبه عليه شيخنا الشهيد الثاني في كتاب الروض، إلا أن ذلك ليس من حيث عدم الاتحاد بل من حيث إن يشترط في المطهر علوه وامتزاجه، وإلا فهو قد صرح بحصول الاتحاد بمجرد المساواة، واحتمل أيضا فيه الاكتفاء بذلك بناء على حصول الاتحاد به في الصورة المذكورة، بخلاف كلامهم هنا، لتصريحهم بامتياز النجس عن الطاهر.
احتج ثاني المحققين وثاني الشهيدين على الاكتفاء بمجرد الاتصال بما يرجع إلى وجوه ثلاثة: