القلة به وهي كما عرفت سابقا يعطي أيضا أنه مما يختلف مقاديره، فلا يمتنع أن يكون ذلك الحب المشار إليه من الحباب الكبار التي تسع كرا من ماء.
ويؤيد ذلك صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) (1) قال:
" سألته عن حب ماء فيه ألف رطل وقع فيه أوقية بول، هل يصلح شربه أو الوضوء منه؟ قال: لا يصلح " وحينئذ فلا بعد في الحمل على ذلك، ومثل ذلك الجرة والقربة، فإنها مما يتفاوت أفرادها أيضا صغرا وكبرا.
وأما الراوية فهي في الأصل تقال على الدابة التي يستقى عليها الماء ثم استعملت في المزادة كما يعطيه كلام صاحب المغرب، أو أنها حقيقة فيهما كما يفهم من غيره، وعلى أيهما فالمراد به في الحديث المزادة، قال في القاموس: " ولا تكون إلا من جلدين تفأم بثالث بينهما لتتسع " انتهى. وقال في كتاب مجمع البحرين: " المزادة الراوية، وسميت ذلك لأنها يزاد فيها جلد آخر من غيرها، ولهذا أنها أكبر من القربة " انتهى. ومتى كان كذلك فبلوغها الكر لا خفاء فيه. ومع المناقشة في ذلك فالحمل على التقية التي هي الأصل في اختلاف الأخبار عندنا كما تقدم بيانه واشتد بنيانه في المقدمة الأولى من مقدمات الكتاب وإن لم يكن بمضمونها قائل من العامة كما علمته مبرهنا. وأخبار الكر معتضدة بعمل الطائفة عليها قديما وحديثا فهي مجمع عليها، ومخالفة للعامة قطعا (2) فيتعين القول بها. والله سبحانه وأولياؤه أعلم.
(الموضع الثاني) للأصحاب (رضوان الله عليهم) في معرفة الكر طريقان وبكل منهما وردت الأخبار، وإن كان على وجه يحتاج إلى التطبيق بينها في ذلك المضمار.