للماء بعد بلوغه كرا، ومفهومه تنجيس شئ له مع عدم البلوغ. ويكفي للخروج ممن العبث واللغو كما ذكره (قدس سره) حصول الحكم في بعض المسكوت عنه، وهو تنجيسه بالنجاسة المغيرة للماء، سيما مع كون (شئ) نكرة في سياق الاثبات، وهو خلاف ما صرحوا به في المقام من إرادة العموم من لفظ (شئ) كما سيأتيك تحقيقه إن شاء الله تعالى في بيان نجاسة الماء القليل بالملاقاة.
وبالجملة فكما أن لفظ (الماء) في المنطوق للعموم فكذا في المفهوم، ومثله لفظ (شئ) فيهما، ودلالته على العموم بتقريب ما ذكرنا آنفا مما لا مجال لإنكاره.
و (أما ثانيا) فلأن ما ذكره من تعارض العمومين بناء على دلالة صحيحة حريز وأمثالها (1) على أن كل ماء طاهر ما لم يتغير محل نظر، لعدم تسليم العموم من تلك الأخبار كما أشرنا إليه (2) وسيأتيك إن شاء الله تعالى (3) ما فيه زيادة تنبيه عليه، وحينئذ فلا عموم في ذلك الطرف ويبقى عموم المفهوم سالما من المعارض.
ثم إنه على تقدير تسليم العموم كما يدعونه فالأظهر تخصيصه بعموم المفهوم المؤيد بمنطوق صحيحة علي بن جعفر المتقدمة (4)، وإلا فبالصحيحة المذكورة إن نوقش في تخصيص العام بالمفهوم، بناء على منع بعض الأصوليين ذلك مطلقا أو إلا أن تكون دلالته أقوى من دلالة العام على الفرد الذي يخصص به، فإنه يخصص به العام حينئذ، وإلا فلا.