وصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا (عليه السلام) (2) قال: " ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه أو طعمه، فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه، لأن له مادة ".
وجه الدلالة أنه علل فيه نفي الانفعال بوجود المادة، والعلة المنصوصة يتعدى بها الحكم إلى كل موضع توجد فيه إذا شهدت الحال بأن خصوص متعلقها الأول لا مدخل له فيها. والأمر ههنا كذلك، فإن خصوصية البئر من ذلك القبيل.
وشهادة الحال بذلك ظاهرة لمن أحاط خبرا بأحكام البئر، وحينئذ ينحصر المقتضي لنفي الانفعال في وجود المادة، وهي موجودة في مطلق النابع.
وقول الصادق (عليه السلام) فيما روي عنه بعدة طرق، وقد تقدم الإشارة إلى بعضها (2): " الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر ".
وحسنة محمد بن ميسر (3) قال: " سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل الجنب ينتهي إلى الماء القليل في الطريق ويريد أن يغتسل منه وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان. قال: يضع يده ويتوضأ ويغتسل، هذا مما قال الله عز وجل:
ما جعل عليكم في الدين من حرج " (4).
ويتوجه على الأول (5) أن الطهارة والنجاسة حكمان شرعيان يتوقف الحكم بهما على الدليل الشرعي، ولا مدخل للدليل العقلي فيهما كما لا مدخل له في غيرهما