بالميضاة فنصب يده فيها فغاضت بالماء وارتفع، حتى توضأ منه ثمانية آلاف رجل فشربوا حاجتهم، وسقوا دوابهم، وحملوا ما أرادوا.
قال اليهودي: فإن موسى (عليه السلام) أعطي المن والسلوى فهل اعطي لمحمد (صلى الله عليه وآله) نظير هذا.
قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن الله عزوجل أحل له الغنائم ولأمته، ولم تحل الغنائم لأحد غيره قبله، فهذا أفضل من المن والسلوى، ثم زاده أن جعل نية له ولأمته بلا عمل عملا صالحا، ولم يجعل لأحد من الأمم ذلك قبله، فإذا هم أحدهم بحسنة ولم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتب له عشرة.
قال له اليهودي: إن موسى (عليه السلام) قد ظلل عليه الغمام؟
قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك وقد فعل ذلك بموسى في التيه وأعطي محمد (صلى الله عليه وآله) أفضل من هذه، إن الغمامة كانت تظله من يوم ولد إلى يوم قبض في حضره وأسفاره. فهذا أفضل مما أعطي موسى.
قال له اليهودي: فهذا داود (عليه السلام) قد لين الله له الحديد، فعمل منه الدروع؟
قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) قد أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه لين الله له الصم الصخور الصلاب وجعلها غارا، ولقد غارت الصخرة تحت يده ببيت المقدس لينة حتى صارت كهيئة العجين، وقد رأينا ذلك والتمسناه تحت رايته.
قال له اليهودي: هذا داود بكى على خطيئته حتى سارت الجبل معه لخوفه.
قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه كان إذا قام إلى الصلاة سمع لصدره وجوفه أريز كأريز المرجل على الأثافي من شدة البكاء، وقد آمنه الله عزوجل من عقابه، فأراد أن يتخشع لربه ببكائه فيكون