وأعرض عن المشركين) (١)، يعني أظهر أمرك لأهل مكة، وادعهم إلى الإيمان، قال: يا جبرئيل! كيف أصنع بالمستهزئين وما أوعدوني؟
قال له: ﴿إنا كفيناك المستهزئين﴾ (2) قال: يا جبرئيل! كانوا الساعة بين يدي، قال: كفيتهم، وأظهر أمره عند ذلك.
وأما بقية الفراعنة: قتلوا يوم بدر بالسيف، فهزم الله الجميع وولوا الدبر.
قال له اليهودي: فإن هذا موسى بن عمران قد اعطي العصا فكان تحول ثعبانا؟
قال له على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إن رجلا كان يطالب أبا جهل بدين ثمن جزور قد اشتراه، فاشتغل عنه وجلس يشرب، فطلبه الرجل فلم يقدر عليه، فقال له بعض المستهزئين: من تطلب؟
فقال: عمرو بن هشام - يعني أبا جهل - لي عليه دين.
قال: فأدلك على من يستخرج منه الحقوق؟
قال: نعم، فدله على النبى (صلى الله عليه وآله)، وكان أبو جهل يقول: ليت لمحمد إلي حاجة فأسخر به وأرده! فأتى الرجل النبى (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمد! بلغني أن بينك وبين عمرو بن هشام حسن صداقة، وأنا استشفع بك إليه، فقام معه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأتى بابه، فقال له: قم يا أبا جهل! فأد إلى الرجل حقه! وإنما كناه بأبي جهل ذلك اليوم، فقام مسرعا حتى أدى إليه حقه، فلما رجع إلى مجلسه قال له بعض أصحابه: فعلت ذلك فرقا من محمد! قال: ويحكم أعذروني؟ إنه لما أقبل رأيت عن يمينه رجالا معهم حراب تتلألأ، وعن يساره ثعبانين تصطك أسنانهما، وتلمع النيران من