إماما لمن اقتدى به، ولقد قام (صلى الله عليه وآله) عشر سنين على أطراف أصابعه حتى تورمت قدماه واصفر وجهه، يقوم الليل أجمع، حتى عوتب في ذلك، فقال الله عزوجل:
﴿طه * ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى﴾ (1) بل لتسعد به، ولقد كان يبكي حتى يغشى عليه، فقيل له: يا رسول الله! أليس الله غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟
قال: بلى، أفلا أكون عبدا شكورا!؟
ولئن سارت الجبال وسبحت معه لقد عمل بمحمد (صلى الله عليه وآله) ما هو أفضل من هذا، إذ كنا معه على جبل حراء إذ تحرك الجبل فقال له: قر، فإنه ليس عليك إلا نبي أو صديق شهيد! فقر الجبل مطيعا لأمره ومنتهيا إلى طاعته، ولقد مررنا معه بجبل وإذ الدموع تخرج من بعضه! فقال له النبى (صلى الله عليه وآله): ما يبكيك يا جبل؟ فقال: يا رسول الله كان المسيح مر بي وهو يخوف الناس من نار وقودها الناس والحجارة، وأنا أخاف أن أكون من تلك الحجارة! قال له: لا تخف، تلك الحجارة الكبريت. فقر الجبل وسكن وهدأ وأجاب لقوله (صلى الله عليه وآله).
قال له اليهودي: فإن هذا سليمان أعطي ملكا لا ينبغي لأحد من بعده؟
قال على (عليه السلام): لقد كان كذلك، ومحمد (صلى الله عليه وآله) أعطي ما هو أفضل من هذا، إنه هبط إليه ملك لم يهبط إلى الأرض قبله، وهو ميكائيل، فقال له: يا محمد! عش ملكا منعما وهذه مفاتيح خزائن الأرض معك، ويسير معك جبالها ذهبا وفضة، ولا ينقص لك مما ادخر لك في الآخرة شيء، فأومى إلى جبرئيل - وكان خليله من الملائكة - فأشار عليه: أن تواضع، فقال له: بل أعيش نبيا عبدا آكل يوما ولا آكل يومين!
وألحق بإخواني من الأنبياء! فزاده الله تبارك وتعالى الكوثر وأعطاه الشفاعة، وذلك أعظم من ملك الدنيا من أولها إلى آخرها سبعين مرة، ووعده المقام المحمود، فإذا