وخفتهم على دينك، فأرحلوك عن الفناء وامتحنوك بالبلاء، والله! لو كانت السماوات والأرض على عبد رتقا ثم اتقى الله عزوجل لجعل له منهما مخرجا فلا يؤنسك إلا الحق، ولا يوحشك إلا الباطل.
ثم تكلم عقيل فقال: يا أباذر! أنت تعلم أنا نحبك ونحن نعلم أنك تحبنا، وأنت قد حفظت فينا ما ضيع الناس إلا القليل، فثوابك على الله عزوجل ولذلك أخرجك المخرجون، وسيرك المسيرون، فثوابك على الله عزوجل، فاتق الله واعلم أن استعفاءك البلاء من الجزع، واستبطاءك العافية من اليأس، فدع اليأس والجزع وقل:
حسبي الله ونعم الوكيل.
ثم تكلم الحسن (عليه السلام) فقال: يا عماه! إن القوم قد أتوا إليك ما قد ترى، وإن الله عزوجل بالمنظر الأعلى فدع عنك ذكر الدنيا بذكر فراقها وشدة ما يرد عليك لرخاء ما بعدها، واصبر حتى تلقى نبيك (صلى الله عليه وآله) وهو عنك راض إن شاء الله.
ثم تكلم الحسين (عليه السلام) فقال: يا عماه! إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغير ما ترى، وهو كل يوم في شأن، إن القوم منعوك دنياهم ومنعتهم دينك فما أغناك عما منعوك، وما أحوجهم إلى ما منعتهم، فعليك بالصبر فإن الخير في الصبر، والصبر من الكرم، ودع الجزع فإن الجزع لا يغنيك.
ثم تكلم عمار (رضي الله عنه) فقال: يا أبا ذر! أوحش الله من أوحشك، وأخاف من أخافك، إنه والله! ما منع الناس أن يقولوا الحق إلا الركون إلى الدنيا والحب لها، ألا إنما الطاعة مع الجماعة، والملك لمن غلب عليه، وان هؤلاء القوم دعوا الناس إلى دنياهم، فأجابوهم إليها ووهبوا لهم دينهم فخسروا الدنيا والآخرة، وذلك هو الخسران المبين.
ثم تكلم أبو ذر (رضي الله عنه) فقال: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، بأبي أمي هذه