الوجوه! فإني إذا رأيتكم ذكرت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بكم، ومالي بالمدينة شجن ولا سكن غيركم، وإنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام، فآلى أن يسيرني إلى بلدة، فطلبت إليه أن يكون ذلك إلى الكوفة، فزعم أنه يخاف أن أفسد على أخيه الناس بالكوفة، وآلى بالله ليسيرني إلى بلدة لا أرى فيها أنيسا، ولا أسمع بها حسيسا، وإني والله! ما أريد إلا الله عزوجل صاحبا، ومالي مع الله وحشة، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين. (1) [101] - 23 - ابن أبي الحديد: روى هذا الكلام أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة، عن عبد الرزاق، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
لما أخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس: أن لا يكلم أحد أبا ذر ولا يشيعه. وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به، فخرج به، فتحاماه الناس إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وعقيلا أخاه وحسنا وحسينا (عليهم السلام) وعمارا، فإنهم خرجوا معه يشيعونه، فجعل الحسن (عليه السلام) يكلم أبا ذر، فقال له مروان: إيها يا حسن! ألا تعلم أن أمير المؤمنين قد نهى عن كلام ذلك الرجل!؟ فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك. فحمل علي (عليه السلام) على مروان فضرب بالسوط بين أذني راحلته، وقال: تنح لحاك الله إلى النار. فرجع مروان مغضبا إلى عثمان فأخبره الخبر.
فتلظى على علي (عليه السلام)، ووقف أبو ذر فودعه القوم ومعه ذكوان مولى أم هاني بنت أبي طالب، قال ذكوان: فحفظت كلام القوم، وكان حافظا.
فقال علي (عليه السلام): يا أباذر إنك غضبت لله، وإن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك، فامتحنوك بالقلى، ونفوك إلى الفلا، والله! لو كانت السماوات والأرض