قالت لهما أسماء: يا بني رسول الله! انطلقا إلى أبيكما علي فأخبراه بموت أمكما، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء، فابتدرهم جميع الصحابة فقالوا: ما يبكيكما يا ابني رسول الله، لا أبكى الله أعينكما؟ لعلكما نظرتما إلى موقف جدكما (صلى الله عليه وآله) فبكيتما شوقا إليه؟
فقالا: لا، أو ليس قد ماتت أمنا فاطمة صلوات الله عليها.
قال: فوقع علي على وجهه يقول: بمن العزاء يا بنت محمد؟! (1) [87] - 10 - البحراني: وهب بن منبه، عن ابن عباس:
أنها بقيت أربعين يوما بعده - أي بعد أبيها (صلى الله عليه وآله) - وفي رواية: ستة أشهر، وساق ابن عباس الحديث إلى أن قال: لما توفيت (عليها السلام)، شقت أسماء جيبها وخرجت، فتلقاها الحسن والحسين فقالا: أين امنا؟ فسكتت، فدخلا البيت، فإذا هي ممتدة، فحركها الحسين، فإذا هي ميتة.
فقال: يا أخاه! آجرك الله في الوالدة، وخرجا يناديان: يا محمداه! يا أحمداه! اليوم جدد لنا موتك إذ ماتت أمنا! ثم أخبرا عليا وهو في المسجد، فغشي عليه حتى رش عليه الماء، ثم أفاق، فحملهما حتى أدخلهما بيت فاطمة، وعند رأسها أسماء تبكي وتقول: وا يتامى محمد! كنا نتعزى بفاطمة بعد موت جدكما، فبمن نتعزى بعدها؟
فكشف علي عن وجهها، فإذا برقعة عند رأسها، فنظر فيها، فإذا فيها:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أوصت وهي تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق، والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، يا علي! أنا فاطمة بنت